ما رأيت وما شاهدت، وما شعر أحد بأني ابنة ملك الروم إلى هذه الغاية سواك، وذلك بإطلاعي إياك عليه، ولقد سألني الشيخ الذي وقعت إليه في سهم الغنيمة عن اسمي فأنكرته، وقلت: نرجس، فقال: اسم الجواري.
فقلت: العجب أنك رومية ولسانك عربي؟
قالت: بلغ من ولوع جدي وحمله إياي على تعلم الآداب أن أوعز إلى امرأة ترجمان له في الاختلاف إلي، فكانت تقصدني صباحا ومساء، وتفيدني العربية حتى استمر عليها لساني واستقام.
قال بشر: فلما انكفأت بها إلى سر من رأى، دخلت على مولانا أبي الحسن العسكري (عليه السلام) فقال لها: كيف أراك الله عز الإسلام وذل النصرانية، وشرف أهل بيت محمد (صلى الله عليه وآله)؟
قالت: كيف أصف لك يا بن رسول الله ما أنت أعلم به مني؟
قال: فإني أريد أن أكرمك، فأيما أحب إليك عشرة آلاف درهم، أم بشرى لك فيها شرف الأبد؟
قالت: بل البشرى. قال (عليه السلام): فأبشري بولد يملك الدنيا شرقا وغربا، ويملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
إلى أن قال: فقال أبو الحسن (عليه السلام): يا كافور، ادع لي أختي حكيمة، فلما دخلت عليه قال (عليه السلام) لها: ها هي، فاعتنقتها طويلا وسرت بها كثيرا، فقال لها مولانا: يا بنت رسول الله، أخرجيها إلى منزلك، وعلميها الفرائض والسنن، فإنها زوجة أبي محمد، وأم القائم (عليه السلام) (1).