ثم قال (عليه السلام): يا أبا عبد الله (1)، ما بال الصبي والمجنون يمتنعان عن الدواء المنقي لبدنهما، والنافي للألم عنهما؟ قال: لجهلهما بنفع الدواء.
فقال (عليه السلام): والذي بعث محمدا بالحق نبيا، إن من استعد للموت حق الاستعداد، فهو أنفع له من هذا الدواء لهذا المتعالج، أما إنهم لو عرفوا ما يؤدي إليه الموت من النعيم لاستدعوه وأحبوه أشد ما يستدعي العاقل الحازم الدواء لدفع الآفات وجلب السلامة (2).
2 - وأعرب الإمام (عليه السلام) في حديث آخر عن واقع الموت وحقيقته، وأنه ينبغي للمؤمن إذا نزل بساحته أن لا يحزن ولا يجزع، فقد روى الشيخ الصدوق (رحمه الله) بالإسناد عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري (عليه السلام)، قال: دخل علي بن محمد (عليه السلام) على مريض من أصحابه، وهو يبكي ويجزع من الموت، فقال (عليه السلام) له:
يا عبد الله، تخاف من الموت لأنك لا تعرفه، أرأيتك إذا اتسخت وتقذرت وتأذيت من كثرة القذر والوسخ عليك، وأصابك قروح وجرب، وعلمت أن الغسل في حمام يزيل ذلك كله، أما تريد أن تدخله فتغسل ذلك عنك، أو تكره أن تدخله فيبقى ذلك عليك؟
فقال: بلى يا بن رسول الله.
قال الإمام (عليه السلام): فذلك الموت هو ذلك الحمام، وهو آخر ما بقي عليك من تمحيص ذنوبك وتنقيتك من سيئاتك، فإذا أنت وردت عليه وحاورته، فقد نجوت