الأمين - على المأمون، وإني لأعلم أنه منقاد إلى هواه، مبذر لما حوته يداه، يشارك في رأيه الإماء، ولولا أم جعفر وميل الهاشميين إليه، لقدمت عليه عبد الله - يعني المأمون - (1).
وبدأت بوادر الخلاف بين الأخوين والرشيد لا يزال حيا، وظلت الأجواء تتأزم والأمور تتعقد بينهما، حتى انفجر الموقف وانتهى الصراع الدامي الذي ذهب ضحيته عشرات الألوف بقتل الأمين، وانتقال السلطة بكاملها إلى المأمون كما ذكرنا.
وأحس المأمون بعد ذلك بالتذمر في أوساط بغداد، وبنقمة عارمة من أكثر العباسيين الذين ناصروا الأمين عليه.
وكان العلويون يخرجون على الحكام بين الحين والآخر، وشيعة الكوفة يرحبون بكل ثائر، كما كان الشيعة في كل مكان ينكرون على العباسيين سوء صنيعهم مع العلويين، ويباركون جميع الانتفاضات المعادية لهم، وبخاصة شيعة خراسان، الذين كان لهم الفضل الأكبر في إرساء حكم المأمون وانتصاره على أخيه، وفي السنة التي استولى فيها المأمون على السلطة كانت الأخطار تهدد دولته، من جميع الجهات، فقد خرج السري بن منصور الشيباني المعروف بأبي السرايا في الكوفة وجهاتها، يقود لدعوة محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن الحسن بن الحسن بن علي (عليه السلام)، وبايعه عامة الناس، ووثب بالمدينة محمد بن سليمان بن داود بن الحسن، وبالبصرة علي بن محمد بن جعفر بن علي بن الحسين، وزيد بن موسى بن جعفر الملقب بزيد النار، وغلبا عليها وعلى جهاتها، واشتد أمرهما، كما ظهر في اليمن