وأن يطمئن على موقف الشيعة من خلافته في تلك الفترة من تأريخ حكمه التي هو فيها أحوج ما يكون إليهم، ولم يعد في الساحة سوى المؤيدين لأخيه من العباسيين وأنصارهم، وهؤلاء لا يشكلون عليه خطرا ما دامت بقية القوى التي كانت تستنزف القسم الأكبر من قوة الدولة إلى جانبه.
وبالفعل فلقد نجح المأمون في هذا التدبير، فلم يحدث التأريخ بأن أحدا من العلويين خرج على المأمون أو تحرك ضده خلال السنتين اللتين عاشهما الإمام (عليه السلام) بعد ولاية العهد مراعاة لجانب الإمام، كما وأن عامة الشيعة كانوا يعتبرون الإمام شريكا في الحكم، وقد حقق لهم المأمون ما عجزت ثورة أبي مسلم الخراساني التي كانت باسم العلويين وسائر الانتفاضات التي حصلت بعدها.
وقد تقدم في أول هذا الفصل بعض الأحاديث التي تدل على محاولة المأمون في إقحام الإمام (عليه السلام) في المعترك السياسي في الكتابة إلى بعض من يطيعه (عليه السلام) في الأطراف التي فسدت على الخلافة العباسية، وبذلك يكون المأمون قد أعلن عن بعض أهدافه التي يضمرها في نفسه، فقد جاء في حديث الشيخ الكليني بالإسناد عن عمر بن خلاد قال: قال لي أبو الحسن الرضا (عليه السلام)، قال لي المأمون:
يا أبا الحسن، لو كتبت إلى بعض من يطيعك في هذه النواحي التي قد فسدت علينا... وفي حديث الشيخ الصدوق بنفس الإسناد، قال: يا أبا الحسن، أنظر بعض من تثق به توليه هذه البلدان التي قد فسدت علينا (1).
وما كان من الإمام (عليه السلام) إلا أن يذكره بالشروط التي اشترطها لقبول ولاية