فشق ذلك على العباسيين، وعدوه - بالإضافة إلى ولاية العهد - محاولة جادة لتجريد العباسيين من جميع امتيازاتهم وشعاراتهم.
فعندما بايع المأمون الرضا بولاية العهد في هذه السنة، ورد على عيسى بن محمد بن أبي خالد كتاب من الحسن بن سهل، يعلمه فيه بأن المأمون بايع للرضا (عليه السلام) بولاية العهد، وأمر بطرح لبس الثياب السود، ولبس ثياب الخضرة، ويأمره أن يأمر من قبله من أصحابه والجند والقواد وبني هاشم بالبيعة له، وأن يأخذهم بلبس الخضرة في أقبيتهم وقلانسهم وأعلامهم، ويأخذ أهل بغداد بذلك جميعا.
فقال بعضهم: نبايع ونلبس الخضرة، وقال بعض: لا نبايع ولا نلبس الخضرة، ولا نخرج هذا الأمر من ولد العباس، وإنما هذا دسيس من الفضل بن سهل.
وغضب ولد العباس من ذلك، واجتمع بعضهم إلى بعض، وقالوا: نولي بعضنا ونخلع المأمون، فبايعوا إبراهيم بن المهدي، وخلعوا المأمون، وذلك يوم الثلاثاء لخمس بقين من ذي الحجة سنة 201 ه (1).
وذكر أبو علي الحسين بن أحمد السلامي في (أخبار خراسان) أن المأمون لما بايع الرضا (عليه السلام) بولاية العهد، وبلغ ذلك العباسيين ببغداد ساءهم، فأخرجوا إبراهيم بن المهدي، عم المأمون، المعروف بابن شكلة، وبايعوه بالخلافة، وفيه يقول دعبل بن علي الخزاعي:
يا معشر الأجناد لا تقنطوا * خذوا عطاياكم ولا تسخطوا