يرجع - في واقعه - إلى جذور تأريخية متعلقة بالسلطة الجاهلية نفسها التي كانت تحكم العرب قبل ظهور الاسلام. فقد كان أبو سفيان يرى أحقية قريش، وبني أمية بالذات، في السيطرة على مقدرات القبائل العربية في مكة وما جاورها من قبائل الحجاز. وكان أي تحد لتلك الفكرة يقمع بحد السيف. ولكن ظهور الاسلام على لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قلب تلك الموازين السياسية والقبلية في الحكم والسيطرة على مقدرات الافراد. وكان الخط الهاشمي أكثر تماسكا واندماجا في الايمان بالرسالة الجديدة ومحتواها السماوي العظيم. فمن أبي طالب عم رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى حمزة بن عبد المطلب إلى علي بن أبي طالب ومن بعده دوحة المصطفى وذرية رسول رب العالمين (صلى الله عليه وآله)، عاشت الرسالة في قلوب هؤلاء الرجال، وعاشوا في قلبها وتفاعلوا معها إلى درجة أنهم تحملوا أقصى درجات الألم والمشقة الجسدية والقتل والتعذيب من أجل الحفاظ على جوهرها الفكري والروحي. وعن طريقهم (عليهم السلام) وصلت إلينا الرسالة سالمة ومصونة من أي تحريف، كي نعرف من خلالها معاني التكليف الشرعي الذي أمرنا به المولى عز وجل. أما الخط الأموي المنكسر فقد عاش أحلام السلطة وأسلوب إسترجاعها حتى في عصر الرسول (صلى الله عليه وآله). فقد كان أبو سفيان يهئ ابنه معاوية لإستلام السلطة، بحيث طلب من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد إعلان إسلامه أن يجعل ابنه معاوية كاتبا له (صلى الله عليه وآله) (1). وكانت ممارسات الخط الأموي بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) تسير بذلك الاتجاه. فقد أستنفرت بقايا وشراذم النظام الجاهلي القديم ك " عمرو بن العاص "، و " سمرة بن جندب "، و " أبو هريرة " وأمثالهم، وألبست زيا جديدا من أجل التمويه على الوضع العام. وما أن اكتملت الخطة في السيطرة على مقاليد السلطة والحكم من جديد، حتى بدأت القيادة الأموية بزعامة معاوية استخدام
(١٢)