أيديهم بسخاء نادر إلى الفقراء والسائلين، وفيهم يقول الشاعر:
لو كان يوجد عرف مجد قبلهم * لوجدته منهم على أميال إن جئتهم أبصرت بين بيوتهم * كرما يقيك مواقف التسآل نور النبوة والمكارم فيهم * متوقد في الشيب والأطفال ويقول فيهم الكميت:
والغيوث الليوث إن أمحل الناس * فمأوى حواضن الأيتام ويقول فيهم أيضا:
إذا أنشأت منهم بأرض سحابة * فلا النبت محظور ولا البرق خلب وما أبدع ما قيل مما ينطبق عليهم:
كرموا وجاد قبيلهم من قبلهم * وبنوهم من بعدهم كرماء فالناس أرض في السماحة والندى * وهم إذا عد الكرام سماء (1) وأبدع منه ما قاله الفرزدق فيهم وفي حق الامام السجاد (عليه السلام)، وهو يكافح عن حق أهل البيت (عليهم السلام) المهتضم:
إذا رأته قريش قال قائلها * إلى مكارم هذا ينتهى الكرم ومن البديهي أن أهل البيت (عليهم السلام) هم نسخة مكررة في الفكر والأخلاق والعمل، بيد أن المصاديق والمضامين تختلف لاختلاف الحوادث والأوضاع والتحديات. وإمامنا الباقر (عليه السلام) هو فرع الدوحة المحمدية، وأحد العترة الطاهرة، وهو ابن من إليه ينتهي الكرم، فلا غرو أن تكون سجاياه مجبولة على حب الخير وصلة الناس وإدخال السرور عليهم، فكان - مع ما له من الفضل في العلم والسؤدد والرئاسة والإمامة - ظاهر الجود في الخاصة والعامة، مشهور الكرم في الكافة، معروفا بالفضل والإحسان مع كثرة عياله وتوسط حاله (2).