وكان لا يمل من مجالسته إخوانه.
وقال (عليه السلام): اعرف المودة لك في قلب أخيك بما له في قلبك.
ومن معالي أخلاقه (عليه السلام): أنه كان يبجل الفقراء، ويرفع من شأنهم لئلا يرى عليهم ذل الحاجة والمسألة، فكان لا يسمع من داره يا سائل بورك فيك، ولا يا سائل خذ هذا، وكان يقول: سموهم بأحسن أسمائهم؛ لذا عهد إلى أهله وعياله أن لا يقولوا له: يا عبد الله بورك فيك، ويا عبد الله خذا هذا.
هذه بعض مظاهر تعامله (عليه السلام) مع قطاعات الأمة الواسعة، على أن القيمة الموضوعية لممارسته تلك قد لا تتجسد بشكل جلي أمام القارئ الكريم، إلا إذا أعدنا إلى الأذهان أن الإمام (عليه السلام) لم يكن في وضع اقتصادي يحسد عليه، فقد كان كما وصفه الإمام الصادق (عليه السلام): كان أبي أقل أهل بيته مالا وأعظمهم مؤونة. ومع ذلك كان يتصدق كل يوم جمعة بدينار ويقول: الصدقة يوم الجمعة تضاعف، لفضل يوم الجمعة على غيره من الأيام (1).
فهو (عليه السلام) إنما يمارس تلك المسؤوليات، ويتحمل تلك التبعات لا من مركز مالي مرتفع، وإنما من مركز متواضع؛ ولكنه مع ذلك لا ينكص عن تحمل الأعباء الاجتماعية أبدا إنما يمارس دوره من أجل التخفيف عن كاهل الأمة التي يرهقها الظلم الاجتماعي الذي تصبه السياسة التحريفية يوم ذاك، لا سيما على أتباع أهل البيت (عليهم السلام).
وما أعظم الشعار الذي كان يرفعه (عليه السلام) بهذا الصدد، نقلا عن جده رسول الله (صلى الله عليه وآله): أشد الأعمال ثلاثة: مواساة الإخوان في المال، وإنصاف الناس من نفسك، وذكر الله على كل حال.
ولقد كان (عليه السلام) - وهو المثل الأعلى في ذلك - حريصا على تعليم أتباعه من