الناس خرج وليه إلى المسجد، فلما أن صلى محمد بن علي (عليه السلام) وتورك - وكان إذا صلى عقب في مجلسه -.
قال له: يا أبا جعفر، إن فلانا الشامي قد هلك، وهو يسألك أن تصلي عليه.
فقال أبو جعفر: كلا، إن بلاد الشام بلاد صر وبلاد الحجاز بلاد حر ولحمها شديد، فانطلق فلا تعجلن على صاحبك حتى آتيكم؛ ثم قام من مجلسه، فأخذ وضوءا، ثم عاد فصلى ركعتين، ثم مد يده تلقاء وجهه ما شاء الله ثم خر ساجدا حتى طلعت الشمس.
ثم نهض فانتهى إلى منزل الشامي، فدخل عليه، فدعاه فأجابه، ثم أجلسه فسنده، ودعا له بسويق فسقاه.
فقال لأهله: املأوا جوفه، وبردوا صدره بالطعام البارد؛ ثم انصرف، فلم يلبث إلا قليلا حتى عوفي الشامي، فأتى أبا جعفر (عليه السلام) فقال: أخلني؛ فأخلاه، فقال: أشهد أنك حجة الله على خلقه، وبابه الذي يؤتى منه، فمن أتى من غيرك خاب وخسر وضل ضلالا بعيدا.
قال له أبو جعفر (عليه السلام): وما بدا لك؟ قال: أشهد أني عهدت بروحي وعاينت بعيني، فلم يتفاجأني إلا ومناد، أسمعه بأذني وما أنا بالنائم: ردوا عليه روحه، فقد سألنا ذلك محمد بن على.
فقال له أبو جعفر (عليه السلام): أما علمت أن الله يحب العبد ويبغض عمله، ويبغض العبد ويحب عمله؟ قال: فصار بعد ذلك من أصحاب أبي جعفر (عليه السلام) (1).
ومما يروى أيضا أن نصرانيا قال للإمام (عليه السلام): أنت بقر؟
قال: لا أنا باقر.