وانحراف عن الحق، ويجدها فرصة ليذكر بها أصحابه وهو يحدثهم عن سيرة الأولين من الأنبياء والصالحين فيطرح لهم حكمة رائعة لنبي الله سليمان بن داود (عليه السلام) فيقول: قال سليمان بن داود: أوتينا ما أوتي الناس وما لم يؤتوا، وعلمنا ما علم الناس وما لم يعلموا، فلم نجد شيئا أفضل من خشية الله في الغيب والمشهد، والقصد في الغنى والفقر، وكلمة الحق في الرضا والغضب، والتضرع إلى الله عز وجل في كل حال (1).
أما النتيجة العملية التي يعطيها الإمام للذين يخشون ربهم فيرويها لنا خالد بن الهيثم فيقول: قال أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام): ما اغرورقت عين بماء من خشية الله تعالى إلا حرم الله وجه صاحبها على النار، فإن سالت على الخدين دموعه لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة، وما من شئ إلا وله جزاء إلا الدمعة، فإن الله تعالى يكفر بها بحور الخطايا، ولو أن باكيا بكى في أمة لحرم الله تلك الأمة على النار (2).
وكان الإمام أبو جعفر (عليه السلام) إذا حج البيت الحرام انقطع إلى الله وأناب إليه وتظهر عليه آثار الخشوع والطاعة، فقد روى مولاه أفلح قال:
خرجت مع محمد بن علي حاجا فلما دخل المسجد نظر إلى البيت فبكى حتى علا صوته، فقلت: بأبي أنت وأمي، أن الناس ينظرون إليك، فلو رفعت بصوتك قليلا، فقال لي: ويحك يا أفلح ولم لا أبكي؟ لعل الله تعالى ينظر إلى منه برحمة فأفوز بها عنده غدا. قال: ثم طاف بالبيت [سبعا]، ثم جاء حتى ركع عند المقام فرفع رأسه من سجوده وإذا بموضع سجوده مبتل من كثرة دمع عينيه (3).