مسلم ومسلمة، فمن أطاع الله ورسوله فيهم، ظفر بالروح والريحان، ومن نكث فإنما ينكث على نفسه ويصلى في جحيم النيران.
لنستمع إلى كلماته بأعيانها [الرائعة]: " نحن شجرة النبوة، وبيت الرحمة، ومفاتيح الحكمة، ومعدن العلم، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، وموضع سر الله، ونحن وديعة الله في عباده، ونحن حرم الله الأكبر، ونحن عهد الله، فمن وفى بذمتنا فقد وفى بذمة الله، ومن وفى بعهدنا فقد وفى بعهد الله، ومن خفرنا فقد خفر ذمة الله " (1).
ومما جاء عن معالي أخلاقه (عليه السلام) وسموها أنه كان إذا ضحك قال: اللهم لا تمقتني. وجاء في نثر الدرر للآبي: كان إذا رأى مبتلى أخفى الاستعاذة، وكان لا يسمع من داره يا سائل بورك فيك، ولا يا سائل خذ هذا. وكان يقول لأهل بيته:
سموهم بأحسن أسمائهم (2).
ويروى أن رجلا من أهل الشام كان قد سكن المدينة المنورة، وكان يتردد كثيرا على دار الإمام (عليه السلام) ويقول له: يا محمد، ألا ترى أني إنما أغشى مجلسك حياء مني لك، ولا أقول: إن في الأرض أحدا أبغض إلى منكم أهل البيت، وأعلم أن طاعة الله وطاعة رسوله وطاعة أمير المؤمنين في بغضكم؟ ولكن أراك رجلا فصيحا، لك أدب وحسن لفظ، وإنما الاختلاف إليك لحسن أدبك، وكان أبو جعفر (عليه السلام) يقول له خيرا، ويقول: لن تخفى على الله خافية.
فلم يلبث الشامي إلا قليلا حتى مرض واشتد وجعه، فلما ثقل دعا وليه، وقال له: إذا أنت مددت على الثوب في النعش، فأت محمد بن على وأعلمه أني أنا الذي أمرتك بذلك.
قال: فلما أن كان في نصف الليل ظنوا أنه قد برد وسجوه، فلما أن أصبح