ارتكبوا، الصحائف في الأعناق منشورة، والأوزار على الظهور مأزورة (1)، لا انفكاك ولا مناص ولا محيص عن القصاص قد أقحمتهم الحجة وحلوا في حيرة المحجة وهمس الضجة، معدول بهم عن المحجة، إلا من سبقت له من الله الحسنى فنجا من هول المشهد وعظيم المورد، ولم يكن ممن في الدنيا تمرد، ولا على أولياء الله تعند، ولهم استعبد، وعنهم بحقوقهم تفرد. اللهم فإن القلوب قد بلغت الحناجر، والنفوس قد علت التراقي والأعمار قد نفدت بالانتظار لا عن نقص استبصار، ولا عن اتهام مقدار، ولكن لما تعاني من ركوب معاصيك، والخلاف عليك في أوامرك ونهيك، والتلعب بأوليائك، ومظاهرة أعدائك. اللهم فقرب ما قد قرب، وأورد ما قد دنى، وحقق ظنون الموقنين وبلغ المؤمنين تأميلهم من إقامة حقك ونصر دينك وإظهار حجتك " (2).
وحفل هذا الدعاء الشريف بإعطاء صورة عن سعة علم الله، وإحاطته بكل شئ الظاهر والخفي، كما حفل بذكر المعاد، وحشر الناس جميعا يوم القيامة لعرضهم للحساب أمام الله، وهم يحملون على ظهورهم وزر ما عملوه في دار الدنيا، وأنهم مطالبون بما اقترفوه، ومحاسبون على ما عملوه، ولا ينجو من أهوال ذلك المشهد الرهيب إلا من سبقت له من الله الحسنى، ولم يكن من المتمردين في دار الدنيا، ولا من المستعبدين لعباد الله، وفيه تعريض بالحكام الأمويين الذين اتخذوا مال الله دولا، وعباد الله خولا، وان القلوب قد بلغت الحناجر، من ظلمهم وجورهم حسبما يقول (عليه السلام) (3).
هذا هو دعاؤه (عليه السلام)، وتلك هي عبادته وصلته بالقدرة اللا متناهية التي منها يستمد العون والقوة، ومنها يرتشف صفات الكمال والسمو حيث هي