منا، ومن كان لا يقرأ منا أمره بالذكر (1).
وعن ضراعته لله تعالى في جوف الليل، روى الإمام الصادق (عليه السلام): كان أبي في جوف الليل يقول في تضرعه: أمرتني فلم أأتمر، ونهيتني فلم أنزجر، فها أنا ذا عبدك بين يديك ولا أعتذر (2).
وكان (عليه السلام) كثير الصلاة فكان يصلي في اليوم والليلة مئة وخمسين ركعة (3). ولم تشغله شؤونه العلمية والاجتماعية، ومرجعيته العامة للأمة عن كثرة الصلاة، فقد كانت أعز شئ عنده لأنها الصلة بينه وبين ربه.
وروي أنه (عليه السلام) إذا أقبل على الصلاة اصفر لونه (4) خوفا من الله وخشية منه، فقد عرف عظمة الله تعالى، خالق الكون وواهب الحياة، فعبده عبادة المتقين والمنيبين.
ورغم كثرة صلاته (عليه السلام) فإنه كان يرى أن أفضل العبادات ليس بكثرة الصلاة والصيام والانقطاع عن الدنيا والانشغال بالتهجد والتسبيح، إنما يراها من منظار أبعد من هذا بكثير، فهو يعتبرها بالكف عن محارم الله وخشيته، والتعامل مع القضايا والأحداث بكرامة وعزة نفس وإباء، فيقول: ما من عبادة أفضل من عفة بطن أو فرج، وما من شئ أحب إلى الله من أن يسأل. ولا يدفع القضاء إلا الدعاء، فإن أسرع الخير ثوابا البر، وأسرع الشر عقوبة البغي، كفى بالمرء عيبا أن ينظر من الناس ما يعمى عنه من نفسه، وأن يأمر الناس ما لا يفعله، وأن ينهى الناس بما لا يستطيع التحول عنه، وأن يؤذي جليسه بما لا يعنيه (5).
نعم، الخشية من الله.. حيث يعتبرها الإمام صمام الأمان من كل انزلاق