تنتهي إلى ثمن باهض هو فساد السياسي نفسه!
أجل، إنه الإصلاح الذي يكون ثمنه فساد المصلح! وهذا الكلام لأمير المؤمنين يعلن أن حركة الإصلاح قد تنتهي أحيانا إلى فساد المصلح. ومن ثم فإن أصول المنهج السياسي العلوي لا تسمح لحكم الإمام أن يلجأ إلى ممارسة ذلك النمط من الإصلاحات القائم على مرتكزات غير مشروعة، مثل الإصلاح الاقتصادي الذي يكون ثمنه التضحية بالعدالة الاجتماعية، مما هو سائد في العالم المعاصر.
إن الإمام عليا (عليه السلام) يعرف جيدا كيف يخدع المعارضين الأقوياء ذوي النفوذ السياسي الهائل، ويغريهم بأن مصالحهم سوف تتأمن في إطار حكمه، ثم يعمد إلى استيصالهم والقضاء عليهم تدريجيا، كما يعرف أيضا كيف يخدع الشعب، ويغريه بأن حقوقه الواقعية سوف تتأمن، وأنه سوف يحترم القيم الإسلامية، على حين ينهج في العمل سبيلا آخر، ليرسخ بذلك قواعد حكمه ويحافظ على استقراره.
ولو أن ذلك قد حصل، لما كان علي بن أبي طالب عندئذ، هو علي بن أبي طالب، بل لكان رجل سياسة محترف مثله كمثل بقية السياسيين المحترفين في التاريخ، له أسوة بهم وهم يتخذون السياسة أداة لفرض السلطة على الناس، لا أن تكون وسيلة لإقامة الحق وتأمين حقوق المجتمع.
لم يكن لحركة الإصلاح العلوي من هدف سوى إحياء منهج الحكم النبوي، ومن ثم لم يكن بمقدورها أن تتحرك على أسس غير مبدئية، مناهضة للقيم والدين وكل ما هو غير إنساني. من هذا المنطلق راحت هذه الحركة الإصلاحية