ز: الإحسان إلى فلول العدو كان الإمام يأمر جيشه بحسن السيرة مع الجيش المهزوم ويحثهم على الرفق بالأسرى ومن بقي منه بالأخص النساء. فقد كان من وصاياه لمقاتليه أن لا يتبعوا مدبرا، ولا يجهزوا على جريح، ولا يدخلوا دارا، ولا يأخذوا من أموال الناس شيئا إلا ما وجدوه في عسكر القوم، ولا يعرضوا إلى النساء ولا يهيجوهن بأذى وإن شتمن الأعراض وسببن الأمراء والصلحاء.
أصول السياسة العالمية مرت - في الفقرات السابقة - إشارات إلى أصول سياسة الإمام علي (عليه السلام) في مختلف المضامير الإدارية ومرافق البلاد. وما نقصده من السياسة العالمية للإمام - في هذه الفقرة - هو توظيف تعاليمه والإفادة مما رسمه من توجيهات، مما يعد ضروريا لإدارة البلاد واستقرار الاجتماع السياسي بغض النظر عن أي عقيدة واتجاه.
ومعنى ذلك تحديدا، أن التوجيهات السياسية والاجتماعية هذه هي مما تقتضيه الفطرة ويمليه العقل السليم؛ فبمقدور كل إنسان أن يشهد بصحة هذه المنطلقات السياسية والاجتماعية العلوية في مضمار إدارة البلد وتوجيه الاجتماع السياسي، ويتأكد من سلامتها بمحض احتكامه إلى وجدانه، ورجوعه إلى التاريخ، وبغض النظر عن معتقده الديني مهما كان.
لقد توفر الفصل العاشر على تصنيف سياسة الإمام وما وضعه من قواعد عامة ومنطلقات عالمية على صعيد إدارة البلد والاجتماع السياسي، إلى ثلاثة أقسام، هي: