4 - سياسة الرفق تكمن واحدة من النقاط الأساسية في المنهج الاجتماعي للحكم العلوي بمبدأ مداراة الناس، وكيفية تعاطي المسؤولين الحكوميين مع الشعب. فعلى عكس الساسة المحترفين الذين يسعون إلى أن يكون رضا الخاصة ثمنا لهضم حقوق الجماهير العريضة وسخطها، تقوم سياسة الإمام أمير المؤمنين على مبدأ إرضاء القاعدة الشعبية العريضة، ولو كان في ذلك سخط الخاصة وعدم رضاها، حيث يقول (عليه السلام): " إن سخط العامة يجحف برضى الخاصة، وإن سخط الخاصة يغتفر مع رضى العامة ".
في الاتجاه إلى تحقيق سياسة الرفق وكسب رضا الجمهور، أوصى الإمام ولاته أن يتعاملوا مع الناس بمودة وعطف، وأن تكون لهم صلة مباشرة بالشعب، بحيث يلتقون مع أفراده وجها لوجه، ويصغون إلى مشكلاتهم مباشرة من دون واسطة، وأن يتحملوا منهم سوء الخلق، ويصبروا على ما يبدر منهم من سوء وتصرفات غير لائقة.
كما حث (عليه السلام) ولاته أن لا يقطبوا بوجه الناس ولا يلقوهم بوجوه مكفهرة، ولا يسيئوا الظن بهم. كما نهاهم عن التجسس فيما يتصل بدائرة الأحوال الشخصية، وأن لا يدققوا في الذنوب التي اقترفها الأفراد بعيدا عن عيون الآخرين.
من النقاط المهمة الأخرى التي حرص الإمام على إيصاء الولاة بها لجهة سياسة الرفق بالناس، ضرورة إدلاء الولاة بالتوضيحات اللازمة في كل ما يمكن أن يكون باعثا لسوء ظن الشعب، وسببا في اتهام الولاة بغمط حقوق الجمهور والتجاوز عليها؛ ففي منهج الإمام لا يجوز الاستخفاف بحالة سوء الظن التي تبرز لدى الجمهور، بل ينبغي للولاة والمسؤولين أن يدلوا إلى الشعب بصدق وتواضع