الرماح؛ فإنه أمور (1) للأسنة. وغضوا الأبصار؛ فإنه أربط للجأش، وأسكن للقلوب. وأميتوا الأصوات؛ فإنه أطرد للفشل. ورايتكم فلا تميلوها، ولا تخلوها، ولا تجعلوها إلا بأيدي شجعانكم والمانعين الذمار منكم؛ فإن الصابرين على نزول الحقائق هم الذين يحفون براياتهم، ويكتنفونها؛ حفافيها ووراءها وأمامها، لا يتأخرون عنها فيسلموها، ولا يتقدمون عليها فيفردوها.
أجزأ امرؤ قرنه (2)، وآسى أخاه بنفسه، ولم يكل قرنه إلى أخيه، فيجتمع عليه قرنه وقرن أخيه. وأيم الله لئن فررتم من سيف العاجلة لا تسلموا من سيف الآخرة، وأنتم لهاميم (3) العرب، والسنام الأعظم؛ إن في الفرار موجدة الله، والذل اللازم، والعار الباقي. وإن الفار لغير مزيد في عمره، ولا محجوز بينه وبين يومه.
من الرائح إلى الله كالظمآن يرد الماء؟ الجنة تحت أطراف العوالي! اليوم تبلى الأخبار! والله لأنا أشوق إلى لقائهم منهم إلى ديارهم!!
اللهم فإن ردوا الحق فافضض جماعتهم، وشتت كلمتهم، وأبسلهم بخطاياهم، إنهم لن يزولوا عن مواقفهم دون طعن دراك؛ يخرج منهم النسيم، وضرب يفلق الهام، ويطيح العظام، ويندر (4) السواعد والأقدام، وحتى يرموا بالمناسر تتبعها المناسر، ويرجموا بالكتائب تقفوها الحلائب، وحتى يجر ببلادهم الخميس يتلوه الخميس، وحتى تدعق (5) الخيول في نواحر أرضهم،