من عدلك عليهم ورفقك بهم، فربما حدث من الأمور ما إذا عولت فيه عليهم من بعد احتملوه طيبة أنفسهم به؛ فإن العمران محتمل ما حملته، وإنما يؤتى خراب الأرض من إعواز أهلها، وإنما يعوز أهلها لإشراف أنفس الولاة على الجمع وسوء ظنهم بالبقاء، وقلة انتفاعهم بالعبر (1).
1490 - عنه (عليه السلام) - في عهده إلى مالك الأشتر (في رواية تحف العقول) -: فاجمع إليك أهل الخراج من كل بلدانك، ومرهم فليعلموك حال بلادهم وما فيه صلاحهم ورخاء جبايتهم، ثم سل عما يرفع إليك أهل العلم به من غيرهم؛ فإن كانوا شكوا ثقلا أو علة من انقطاع شرب أو إحالة أرض اغتمرها غرق أو أجحف بهم العطش أو آفة خففت عنهم ما ترجو أن يصلح الله به أمرهم، وإن سألوا معونة على إصلاح ما يقدرون عليه بأموالهم فاكفهم مؤونته؛ فإن في عاقبة كفايتك إياهم صلاحا، فلا يثقلن عليك شيء خففت به عنهم المؤونات؛ فإنه ذخر يعودون به عليك لعمارة بلادك، وتزيين ولايتك، مع اقتنائك مودتهم وحسن نياتهم، واستفاضة الخير، وما يسهل الله به من جلبهم، فإن الخراج لا يستخرج بالكد والأتعاب، مع أنها عقد (2) تعتمد عليها إن حدث حدث كنت عليهم معتمدا؛ لفضل قوتهم بما ذخرت عنهم من الجمام (3)، والثقة منهم بما عودتهم من عدلك ورفقك، ومعرفتهم بعذرك فيما حدث من الأمر الذي اتكلت به عليهم، فاحتملوه بطيب أنفسهم، فإن العمران محتمل ما حملته، وإنما يؤتى خراب الأرض لإعواز أهلها، وإنما يعوز أهلها لإسراف الولاة وسوء ظنهم بالبقاء وقلة انتفاعهم