1346 - تاريخ الطبري عن ابن عباس: دعاني عثمان فاستعملني على الحج، فخرجت إلى مكة فأقمت للناس الحج، وقرأت عليهم كتاب عثمان إليهم، ثم قدمت المدينة وقد بويع لعلي، فأتيته في داره فوجدت المغيرة بن شعبة مستخليا به، فحبسني حتى خرج من عنده، فقلت: ماذا قال لك هذا؟
فقال: قال لي قبل مرته هذه: أرسل إلى عبد الله بن عامر وإلى معاوية وإلى عمال عثمان بعهودهم تقرهم على أعمالهم ويبايعون لك الناس، فإنهم يهدئون البلاد ويسكنون الناس، فأبيت ذلك عليه يومئذ وقلت: والله لو كان ساعة من نهار لاجتهدت فيها رأيي، ولا وليت هؤلاء ولا مثلهم يولى (1).
قال: ثم انصرف من عندي وأنا أعرف فيه أنه يرى أني مخطئ، ثم عاد إلي الآن فقال: إني أشرت عليك أول مرة بالذي أشرت عليك وخالفتني فيه، ثم رأيت بعد ذلك رأيا، وأنا أرى أن تصنع الذي رأيت فتنزعهم وتستعين بمن تثق به، فقد كفى الله، وهم أهون شوكة مما كان.
قال ابن عباس: فقلت لعلي: أما المرة الأولى فقد نصحك، وأما المرة الآخرة فقد غشك.
قال له علي: ولم نصحني؟
قال ابن عباس: لأنك تعلم أن معاوية وأصحابه أهل دنيا فمتى تثبتهم لا يبالوا بمن ولي هذا الأمر، ومتى تعزلهم يقولوا: أخذ هذا الأمر بغير شورى وهو قتل صاحبنا، ويؤلبون عليك فينتقض عليك أهل الشام وأهل العراق، مع أني لا آمن طلحة والزبير أن يكرا عليك.