قبل ولم يأته بالعصمة فقال (ص) يا جبرئيل أني لأخشى قومي أن يكذبوني ولا يقبلوا قولي في علي ثم رحل فلما بلغ غدير خم قبل الجحفة بثلاثة أميال أتاه جبرئيل على خمس ساعات مضت من النهار بالزجر والانتهار والعصمة من الناس فقال يا محمد أن ربك يقرؤك السلام ويقول لك: (يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك في علي وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) فكان أولهم بلغ قرب الجحفة فأمره أن يرد من تقدم منهم وجلس من تقدم منهم في ذلك المكان ليقيم عليا للناس ويبلغهم ما أنزل الله عز وجل في علي عن الله تعالى وفي المواضع سلمات فأمر رسول الله (ص) أن يقيم ما تحتهن وينصب له أحجار كهيأة المنبر ليشرف على الناس فتراجع الناس واحتبس أواخرهم في ذلك المكان لا يزالون وقام رسول الله (ص) فوق تلك الأحجار وقال: الحمد لله الذي علا بتوحيده ودنى بتفرده وجل في سلطانه وعظم في أركانه وأحاط بكل شئ وهو في مكانه (يعني ان الشئ في مكانه) وقهر جميع الخلق بقدرته وبرهانه حميدا لم يزل محمودا لا يزال ومجيدا لا يزول ومبدئا معيدا وكل أمر إليه يعود بارى المسموكات وداحي المدحوات قدوس سبوح رب الملائكة والروح متفضل على جميع من يراه متطول على جميع من ذراه يلحظ كل نفس والعيون لا تراه كريم حليم ذو أناة قد وسع كل شئ رحمته ومن على جميع خلقه بنعمته لا يعجل بانتقامه ولا يبادر بما استحقوا من عذابه قد فهم السرائر وعلم الضمائر ولم تخف عليه المكنونات وما اشتبهت عليه الخفيات له الإحاطة بكل شئ والغية لكل شئ والقوة في كل شئ والقدرة على كل شئ لا مثله شئ وهو منشئ الشئ حين لا شئ وحين شئ قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم جل عن أن تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير لا يلحق وصفه أحد بمعانيه ولا يجد كيف هو من سر ولا علانية إلا بما دل على نفسه أشهد له بأنه الله الذي أبلى الدهر قدمه والذي يقنى الأبد نوره والذي ينفذ أمره بلا مشورة ولا معه شريك في تقدير ولا تفاوت في تقدير ولا تفاوت في تدبير صور ما ابتدع بلا مثال وخلق ما خلق بلا معونة من أحد ولا تكلف ولا احتيال أنشأها فكانت وبرأها فبانت وهو الذي لا إله إلا هو
(٦٢)