مني عليك وعلى عمك فكبر رسول الله (ص) وقال أبى الله إلا إكرامكم يا بني هاشم، ثم قام (ص) ومعه جماعة من الصحابة والعباس بين يديه حتى صار على سطح دار العباس فنصب له ميزابا إلى المسجد ثم قال لأصحابه معاشر المسلمين أن الله قد شرف عمي العباس بهذا الميزاب فلا تؤذونني في عمي فأنه بقية الآباء والأجداد فلعن الله من آذاني فيه وأغار عليه أو حبسه حقه ثم خرج صلى الله عليه وآله وبقي على حاله مدة أيام النبي وخلافة أبي بكر وثلاث سنين من خلافة عمر فاعتل العباس ومرض مرضا شديدا فصعدت جاريته على السطح تغسل قميصه فجرى الماء إلى صحن المسجد وكان عمر في المسجد فنال الماء بعض مرقعته فغضب غضبا شديدا فقال لغلامه اذهب واقلع هذا الميزاب فصعد الغلام وقلعه ورمى به على سطح الدار ثم قال عمر والله لئن رده أحد إلى مكانه لأضربن عنقه فشق ذلك على العباس فدعى بولديه عبد الله وعبيد الله وغدى يمشي متكئا عليهما وهو يرتعش من شدة المرض فسار حتى دخل على أمير المؤمنين (ع) فلما رآه أمير المؤمنين دخل عليه وهو على تلك الحالة انزعج وقال: يا عم ما جاء بك فأخبره بما فعل معه عمر من قلع الميزاب وتهدده فيمن يرده إلى مكانه ثم قال له يا بن أخي قد كان لي عينان انظر بهما فمضت إحداهما وهو رسول الله (ص) وبقيت الأخرى وهي أنت وما أظن أن أظلم أو يزول ما شرفني به النبي وأنت لي فقال أمير المؤمنين يا عم ارجع إلى بيتك ثم نادى علي بذي الفقار فتقلده ثم خرج إلى المسجد والناس حوله فنادى يا قنبر اصعد ورد الميزاب إلى مكانه فصعد قنبر ورده إلى مكانه ثم قال أمير المؤمنين عليه السلام: وحق صاحب هذا المنبر وهذا القبر لأن قلعه قالع لأضربن عنقه وعنق الآمر له بذلك ولأصلبنهما في الشمس حتى يتقددا فسمع عمر بذلك فنهض حتى أتى ودخل المسجد فنظر إلى الميزاب وهو في مكانه فقال لا يغضب أحد أبا الحسن فيما فعلة ونكفر عن اليمين فلما كان من الغداة دخل أمير المؤمنين (ع) على عمه العباس وقال له: كيف أصبحت يا عم فقال بأفضل النعم ما دمت لي يا بن أخي فقال (ع) يا عم طب نفسا وقر عينا فوالله لو خاصمني أهل الأرض لخاصمتهم في الميزاب بحول الله وقوته فقام العباس وقبل بين عينيه وقال له ما خاب من أنت ناصره.
(٥٩)