نحبه شهيدا والآن رجعنا من دفنه فصرخ الشيخ صرخة فارقت روحه الدنيا، وفي خبر غشي عليه، فلما أفاق قال: أسألكم الله ان ترشدوني إلى قبره؟ فأخذوه، فلما لمس القبر جعل يبكي ويعول ويلطم، فجلس الحسن والحسين " ع " عنده وجعلا يبكيان، ثم جعل الشيخ يضرب برأسه على القبر، فأرادا ان ينحياه فلم يقدرا وضرب برأسه على القبر حتى قضى نحبه، فاشتغل الحسن والحسين (ع) بتغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفناه أمير المؤمنين (ع) ورجعا يبكيان ويلطمان.
وروى الصدوق بإسناده عن أسيد بن صفوان صاحب رسول الله (ص) قال:
لما كان اليوم الذي قبض فيه أمير المؤمنين (ع) ارتج الموضع بالبكاء ودهش الناس كيوم قبض فيه رسول الله (ص) وجاء رجل باك متسرع مسترجع وهو يقول: اليوم انقطعت خلافة النبوة حتى وقف بباب البيت الذي فيه أمير المؤمنين (ع) فقال: رحمك الله يا أبا الحسن كنت أول القوم إسلاما وأخلصهم إيمانا... الخ، الزيارة المعروفة بزيارة الخضر " ع ".
قال: وسكت القوم حتى انقضى كلامه وبكى وأبكى أصحاب رسول الله " ص " ثم طلبوه فلم يصادفوه.
وفي " الارشاد " للمفيد " ره " كانت إمامة أمير المؤمنين " ع " بعد النبي " ص " ثلاثين سنة، منها أربعة وعشرين سنة وستة أشهر ممنوعا من التصرف على أحكامها!
مستعملا للتقية والمدارات، ومنها خمس سنين وستة أشهر ممتحنا بجهاد المنافقين من الناكثين والقاسطين والمارقين! مضطهدا بفتن الضالين! كما كان رسول الله " ص " ثلاثة عشر سنة من نبوته ممنوعا من أحكامها خائفا ومحبوسا وهاربا ومطرودا! لا يتمكن من جهاد الكافرين! ولا يستطيع دفعا عن المؤمنين، ثم هاجر وأقام بعد الهجرة عشر سنين مجاهدا للمشركين ممتحنا بالمنافقين! إلى أن قبضه الله عز وجل.
وكانت وفاة أمير المؤمنين عليه السلام ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة قتلا بالسيف! قتله ابن ملجم المرادي لعنه الله في مسجد الكوفة.
ثم قال المفيد (ره): وكان سنة الشريف يوم وفاته ثلاثا وستين سنة.