ذلك يا أبة؟ قال: يا بني ان الله يقول: " وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت " ولكن عهد إلي حبيبي رسول الله (ص) انه يكون في العشر الأواخر من شهر رمضان ويقتلني ابن ملجم المرادي، فقال الحسن (ع):
يا أبتاه إذا علمت ذلك منه فاقتله، قال يا بني لا يجوز القصاص إلا بعد الجناية والجناية لم تحصل منه، يا بني لو اجتمع الإنس والجن على أن يدفعوا ذلك لما قدروا، يا بني ارجع إلى فراشك، فقال الحسن يا أبتاه أريد أمضي معك إلى موضع صلاتك، فقال له اذهب بحقي عليك ونم في فراشك لئلا ينتغص عليك نومك.
فرجع الحسن فوجد أخته أم كلثوم قائمة خلف الباب تنتظره، فدخل فأخبرها بالخبر وجلسا يتحادثان وهما محزونان حتى غلب عليهما النعاس، فقام كل واحد منهما ودخل في فراشه ونام.
قال أبو مخنف وغيره: وسار أمير المؤمنين (ع) حتى دخل المسجد والقناديل قد خمد ضوئها فصلى في المسجد ورده وعقب ساعة، ثم انه قام وصلى ركعتين، ثم علا المأذنة ووضع سبابته في اذنيه وتنحنح، ثم أذن، وكان (ع) إذا تنحنح تضطرب الحيطان، وإذا أذن لم يبق في بلدة الكوفة بيت إلا اخترقه صوته (ع).
قال راوي الحديث! واما ابن ملجم لعنه الله فبات في تلك الليلة يفكر في نفسه ولا يدري ما يصنع! فتارة يذكر قطام لعنها الله وحسنها وجمالها وكثرة مالها فتميل نفسه إليها! وتارة يعاتب نفسه ويوبخها وتارة يخاف عقبى فعله ويهم ان يرجع، فبقى عامة ليله يتقلب في فراشه وهو يترنم بقوله ثلاثة آلاف وعبد وقينة * وضرب علي بالحسام المسمم فلا مهر أغلى من قطام وان غلى * ولا فتك إلا دون فتك ابن ملجم فأقسمت بالبيت الحرام ومن اتى * إليه ولي من محل ومحرم لقد فسدت عقلي قطام وانني * لمنها على شك عظيم مذمم لقتل علي خير من وطأ الثرى * أخي العلم الهادي النبي المكرم لقد خاب من يسعى بقتل إمامه * وويل له من حر نار جهنم