وأخذت النبال تترامى عليه فلم يبق منه موضع إلا أصيب بالنبل ونادت الأزد وضبة يا لثارات عثمان! ونادى أصحاب علي " ع ": يا محمد فاتخذوها شعارا، واختلط الفريقان فصاح علي " ع " ما أرى أحدا يقاتلكم غير هذا الجمل وهذا الهودج عرقبوا الجمل لعنه الله فإنه شيطان، وقال لمحمد بن أبي بكر انظر متى عرقب الجمل فأدرك أختك فوارها، فوضع أمير المؤمنين (ع) سيفه في عاتقه وعطف نحو الجمل وأمر أصحابه بذلك ومشى نحوه والخطام مع بني ضبة فاقتتلوا قتالا شديدا.
واستمر القتل في بني ضبة فقتل منهم مقتلة عظيمة هجم علي (ع) وأصحابه نحو الجمل فعرقب رجلا رجلا من الجمل فدخل تحته رجل ضبي وعرقب منه رجلا أخرى فدخل تحته رجل آخر فضربه بجير النخعي على عجزه وعبد الرحمن على جنبيه وعمار على طرفه، فحمله بنو ضبة فرشقوه بالسهام فوقع الجمل بجنبه وضرب بجرانه الأرض وعج عجيجا لم يسمع بأشد منه، فما هو إلا أن صرع الجمل حتى فرت الرجال! كما يطير الجراد في الريح الشديدة الهبوب! فضرب أمير المؤمنين (ع) على الهودج فقال يا عائشة أهكذا أمرك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن تفعلي؟ فقالت: يا أبا الحسن ظفرت فأحسن وملكت فاسجح! فقال (ع) لمحمد بن أبي بكر: شأنك بأختك فلا يدنو أحدا منها سواك، فدنى منها محمد ولطمها في وجهها وقال لها ما فعلت بنفسك عصيت ربك وهتكت سترك ثم أبحت حرمتك وتعرضت للقتل، فقالت له ثكلتك أمك ليتها استبرئت حيضتها بخرقة ولم تلدك كان لك أن تستخلف مكان أبيك! لازمت علي بن أبي طالب وصرت من بعض رجاله! فقال لها: علي مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، وان أباك غصب حقه وأغضب الله ورسوله بفعله، فسكتت عائشة.
قال: فأمر أمير المؤمنين (ع) أن تحمل عائشة بهودجها إلى دار عبد الله بن خلف وأمر بالجمل أن يحرق ثم يذرى في الريح، وقال (ع): لعنه الله من دابة فما أشبهه بعجل بني إسرائيل، ثم قرأ: (وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا).
قال: فقالت عائشة لأخيها محمد أقسمت عليك أن تطلب عبد الله بن الزبير جريحا