وعائشة على جمل في هودج من دفوف الخشب قد ألبسوه المسوح وجلود البقر وجعلوا دونه اللبود قد غشى على ذلك بالدروع! فدنا عمار من موضعها فقال: إلى ماذا تدعين؟
قالت إلى الطلب بدم عثمان! فقال: قتل الله في هذا اليوم الباغي والطالب بغير الحق.
قال: وتواتر عليه الرمي واتصل فحرك فرسه وزال عن موضعه فقال ماذا تنتظر يا أمير المؤمنين وليس لك عند القوم إلا الحرب، فقام علي (ع) فقال: أيها الناس إذا هزمتموهم فلا تجهزوا على جريح ولا تقتلوا أسيرا ولا تكشفوا عورة ولا تمثلوا بقتيل ولا تهتكوا سترا ولا تقربوا من أموالهم إلا ما تجدونه في عسكرهم من سلاح أو كراع أو عبد أو أمة وما سوى ذلك فهو ميراث لورثتهم على كتاب الله.
وفي (المناقب) بعد قتل مسلم المجاشعي أنذرهم (ع) فلم يقبلوا! فقال (ع) الآن طاب الضراب، وقال لمحمد بن الحنفية والراية في يده: يا بني تزول الجبال ولا تزل عض ناجذك، أعر الله جمجمتك، ثد في الأرض قدميك، إرم ببصرك أقصى القوم، وغض بصرك، واعلم أن النصر من الله، ثم صبر سويعة فصاح الناس من كل جانب من وقع النبال! فقال (ع): تقدم يا بني، فتقدم وطعن طعنا منكرا، فأنشد أمير المؤمنين عليه السلام يقول لمحمد:
إطعن بها طعن أبيك تحمد * لا خير في الحرب إذا لم توقد بالمشرفي والقنا المسدد ثم أمر الأشتر أن يحمل فحمل وقتل هاني بن وكيع صاحب ميمنة الجمل، ثم التحم القتال وجعل أمير المؤمنين (ع) يقرأ: " وان نكثوا أيمانهم من بعد عهودهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر أنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون " ثم حلف (ع) انه ما قوتل عليها منذ نزلت حتى اليوم واتصل الحرب وكثر القتل والجرح، فخرج عبد الله اليثربي قائلا:
يا رب اني طالب أبا حسن * ذاك الذي يعرف قدما بالفتن فأتاه أمير المؤمنين (ع) قائلا:
إن كنت تبغي ان ترى أبا حسن * فاليوم تلقاه مليا فاعلمن