استعماله وظاهرهم اعتبار القلة في الماء والذي يستفاد من الاخبار اطلاقه على الكثير مثل قوله عليه السلام يشرب من سؤر الكلب الا إذا كان حوضا كثيرا يستقى منه وهو أيضا ظاهر التذكرة والمحكى عن الهداية وكذا اطلاقه على بقية الطعام كما في المنتهى عن اكل سؤر الفارة وقول أمير المؤمنين (ع) ان الهرة سبع لا باس بسؤره فانى لا ستحيي من ربى ان ادع طعاما لأجل ان الهرة اكلت فان الاستشهار قرينة عموم السؤر المأكول والظاهر من بعض الأخبار عدم اختصاصه بمباشرة الفم لقوله (ع) في خبر العيص لا توضأ من سؤر الحايض وتوضأ من سؤر الجنب إذا كانت مأمونة تغسل يديها قبل ان يدخلها الاناء وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يغتسل هو وعايشة من اناء واحد وكيف كان فأسئار الحيوانات كلها طاهرة عدا سؤر ما كان نجس العين أي الكلب والكافر والخنزير ولذا كان في سؤر المسوخ تردد للمصنف من جهة التردد في نجاستها ولكن الطهارة عنده فيها (أظهر ومن عدا الخوارج) لكونهم نواصب (والغلاة من أصناف المسلمين) إذا لم ينكر ما علم أو علم بالضرورة كونه من (الدين طاهر الجسد والسؤر) وسيأتي تفصيل ذلك انشاء الله تعالى والتلازم بين الجسم والسؤر في الطهارة هو المشهور ومقتضى الأدلة الا ان ظاهر السرائر نجاسة سؤر ما يمكن التحرز عنه من حيوان الحضر غير الطير والمأكول اللحم والظاهر ارادته عدم جواز الاستعمال كما يظهر من كلامه في باب النجاسات فيوافق ما في المبسوط والمهذب من منع الاستعمال فهم ينكرون التلازم بين طهارة السؤر وجواز استعماله وان حكى في المعتبر عن المبسوط النجاسة لكنه تسامح في التعبير ويمكن إرادة حقيقة النجاسة لان مرجعها إلى منع الاستعمال ومستند الشيخ على ما ذكره في الاستبصار قوله (ع) كل ما اكل لحمه فلا باس بان يتوضأ بسورة ويشرب فان مفهومه بناء على القول بمفهوم الوصف أو المبتدء المتضمن معنى الشرط يدل على أن السبب المنحصر والعلة التامة في جواز الوضوء بسؤر المأكول كونه ماكولا فإذا انتفى هذا الوصف عن حيوان في أول الأمر أو بعد كونه ماكولا كالجلال والموطوء انتفى جواز الوضوء والشرب ولو وجد غير مأكول يجوز الوضوء بسؤره لم يكن اكل اللحم سببا منحصرا في الجواز لقيام غيره مقامه ومنع دلالة جملة الشرط على انحصار السبب هو هو بعينه انكار مفهومه كما وقع من السيد المرتضى قده فظهر بهذا التقرير فيما أجاب به العلامة قده عن هذا الاستدلال وارتضاه الشيخ محمد قده في شرح الاستبصار ردا على والده في المعالم حيث انتصر للشيخ قده بما أوضحناه من أنه يكفي في المفهوم انقسام غير المأكول إلى ما لا يجوز الوضوء بسؤره والى ما يجوز فليس سالبة وكليتهما انما هو سالب الكلية وقد أوضحنا ذلك أيضا في مسألة الغسالة عند التكلم في مفهوم قوله (ع) إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ فالأولى الجواب عن ذلك بعدم المقاومة سند العدم صحة الرواية ودلالة لان اللازم من الاخذ بظاهرها من التحريم تخصيص لأكثر ما دل على طهارة بعض الأسئار كسؤر الهرة معللا بطهارتها ونجاسة بعضها كسؤر الكلب معللا بنجاسته وجواز استعمال سؤر ما عدا الكلب فاللازم حمله على الكراهة وان الباس المنفى في المنطوق أعم من الحرمة ويكره سؤر الحيوان الجلال وهو المتغذى بعذرة الانسان إلى حد يحرم لحمه على الوجه المذكور في باب الأطعمة والأشربة لا الاطلاق ما تقدم في سؤر كل طاهر وان حرم اكله بناء على طهارة الجلال وعن الشيخ والسيد وابن الجنيد النجاسة واستدل لهم بعدم خلو لعابه عن النجاسة ونقض ببصاق شارب الخمر (وكذا سؤر اكل الجيف) لعين ما ذكر في الجلال مع حلية اكل بعض افراده لكن الحكم فيهما كغيرهما من الحيوانات الطاهرة المزاولة للنجاسات مقيد بما إذا خلا موضع الملاقاة من عين النجاسة أو المتنجس وعبر بعضهم باثرها والمراد اثره الحسى لا الشرعي ففي عبارات اكل دلالة على عدم اعتبار طهارة موضع الملاقاة بعد ملاقاة النجاسة بالماء المطهر وانه لا يجرى هنا استصحاب تنجس موضع الملاقاة وان علم عدم وجود المطهر وهو اجماع نعم حكى عن النهاية اعتبار احتمال حصول طهارته بوروده على كثير مطلق أو ورود المطر والقليل عليه الا ان المشهور كما ادعاه في الحدائق وغيره على عدم اعتبار الاحتمال أيضا والحكم بطهارة السؤر مع القطع بعدم حصول المطهر الشرعي فقد صرحوا كما في المبسوط والسرائر والمعتبر والتذكرة وغيره بأنه لو اكلت الهرة فارة ثم شرب من ماء قليل لم ينجس غابت الهرة أو لم تغب ومما يحقق الشهرة بل يظهر منه الاتفاق ان الأصحاب بين مفت بكراهة سؤر الجلال واكل الجيف ومانع منه ولم يستند المانع الا إلى التعبد أو وجود اجزاء النجاسة في لعابه فاتفق المانعون المجوزون على أن ملاقاة فمه للنجاسة مع العلم العادي غالبا بعدم ملاقاة المطهر الشرعي بعد اكل العذرة والجيفة لا يؤثر وكيف كان فالظاهر تحقق الشهرة في المسألة بل عن الشيخ في الخلاف دعوى الاجماع عليه مستكشفا ذلك من أن الأصحاب حكموا بطهارة سؤر الهرة وان دعوى ورودها في مقام بيان حكم سؤر الهرة من حيث الطهارة والنجاسة الذاتيتين كما يشهد به تعليل الطهارة في بعض تلك الأخبار بان الهرة سبع كتعليل نجاسة سؤر الكلب بأنه نجس فلا ينافي كون حكم السؤر من حيث تنجس الحيوان بالنجاسة العرضية هي النجاسة ممنوعة بعد كون الغالب في الحيوان ملاقاته للنجاسة بل كونه دائما محكوما بالتنجس ولو بحكم الاستصحاب ومما يدل على إرادة طهارة السؤر على الاطلاق لا خصوص الطهارة الذاتية ما وقع في النص والفتوى من استثناء صورة وجود النجاسة العينية على جسم ذي السؤر فإنه لا وقع لهذا الاستثناء مع إرادة الطهارة الذاتية ففي خبر عمار وقد سئله عن ماء يشرب منه باز أو صقرا وعقاب فقال (ع) كل شئ من الطير يتوضأ مما يشرب منه الا ان ترى في منقاره دما فان رأيت في منقاره دما فلا تتوضأ منه ولا تشرب ومما يمكن ان يستدل به في المقام أيضا صحيحة علي بن جعفر المروية في التهذيب وقرب
(٦٠)