النهى عن سؤر الحايض مطلقا والجنب التي لا يؤمن حيث قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن سؤر الحايض قال لا توضأ منه وتوضأ من سؤر الجنب إذا كانت مأمونة وتغسل يدها قبل ان يدخل الاناء ولعل حكمة الاطلاق في الحايض استمرار النجاسة عليه أياما فيبعد خلو يدها عن النجاسة لأنها تبدل الخرقة وتغيرها كثيرا الا إذا كانت متحفظة ورعة عن النجاسة بخلاف الجنب فان زمان تلوثها بالنجاسة يسير فالتحفظ عنها لسهولته موجود أغلب الناس الا إذا كانت ممن لا تبالي وما في الصحيحة من اطلاق الحايض وموافق للمبسوط مخالف للمشهور فان المشهور تقييدها إما بالمتهمة كما عن جماعة واما بغير المأمونة كالمصنف قده تبعا للآخرين ولعله للصحيحة المذكورة باسقاط لفظة لامن أولها كما في رواية التهذيب و الاستبصار فيكون قوله إذا كانت مأمونة قيدا للجنب والحايض أو لتعارض الروايتين فالمتيقن كراهة المقيد لكن الأخبار المطلقة كثيرة مثل قوله (ع) في رواية عنبسة اشرب من سؤر الحايض ولا تتوضأ منه ورواية أبى بصيرها يتوضأ من فضل وضوء الحايض قال لا وفى رواية أبى هلال المرأة الطامث اشرب من فضل شربها ولا أحب ان توضأ منه وتقييدها بالمأمونة وان وردت في غير واحد من الاخبار مثل صحيحة رفاعة المروية في السرائر ان سؤر الحايض لا باس به ان يتوضأ إذا كانت تغسل يديها وصحيحة علي بن يقطين عن الرجل يتوضأ بفضل الحايض قال إذا كانت مأمونة فلا باس الا انه لا يتعين حمل الأخبار المطلقة لاحتمال المقيد للحمل على شدة الكراهة في محل القيد وخفتها في غيره لكن الانصاف ان ظاهر نفى الباس في المقيدات بعد العلم بعدم الحرمة في غير المأمونة نفى الكراهة رأسا مع أنه لو تكافؤ الاحتمال ان يرجع إلى الأصل هذا كله بناء على أن غير المأمونة في العرف هي المتهمة وان جعلناها أعم كما هو مقتضى اللغة لم يكن تعارض بين المطلق والمقيد ولا بين قول المبسوط وقول من عبر بغير المأمونة بناء على إرادة الفرد المتعارف من مطلق الحائض وهو غير المتحفظ والورع عن النجاسات بحيث يظن ويوثق بطهارة يدها فحاصل مذهبهم كراهة سؤر الحايض من حيث هي للظن النوعي بعدم طهارة يدها فهى متهمة نوعا الا ان يكون خصوص الشخص بحيث تؤمن من ذلك لشدة تورعها عن النجاسات لكن الانصاف ان المراد بالمأمونة الفرد المتعارف وهي التي لا تتهم لقلة مبالاتها بالنجاسة ويؤيدها ما في رواية السرائر من قوله يغسل يديها بدل المأمونة فان مقابلها من لا تغسل يديها وهي المتهمة وغسل اليد أمر متعارف عقيب تلوثها خصوصا بالقاذورات المستنفرة ومما ذكرنا يظهر ان ما في المدارك والذخيرة من أن إناطة الكراهة بغير المأمونة أولي من اناطتها بالمتهمة لان النص يدل على انتفاء محل الكراهة إذا كانت مأمونة وهي أخص من كونها غير متهمة انتهى محل نظر إما أولا فلاتحادهما عرفا واما ثانيا فلان انتفاء الكراهة منوط في رواية السرائر بغسل اليدين ومفهوم الكراهة مع عدم غسلهما وليس المراد العلم بذلك الا كان سؤرها نجسا بل المراد كونها مظنة لترك الغسل وهي المتهمة كما أن المراد بالغسل في المنطوق كونها مظنة لذلك على ما هو المتعارف ثم إن ظاهر الاخبار اختصاص الكراهة بالوضوء بل في بعضها مقابلة الشرب بالوضوء الظاهرة في نفى الكراهة لكن المحكي عن ظاهر الأكثر عدم الفرق بل عن الوحيد البهبهاني ان الاقتصار على الوضوء لم يقل به فقيه والظاهر أن التعميم محل وفاق انتهى أقول لو ثبت الاجماع على التعميم أمكن حل أدلة الفصل على تفاوت الكراهة ثم ظاهر إناطة الكراهة بالاتهام وعدم الامن تعدى الحكم إلى كل متهم لعدم التوقي من النجاسات كما هو المحكي عن ظاهر الشيخين والحلى والمحقق وصريح البيان والروضة مضافا إلى ما يظهر من اخبار اخر من استحباب التنزه عمن لا يتنزه ورواية ابن أبي يعفور عن الرجل أيتوضأ من فضل المرأة قال إذا كانت تعرف الوضوء بناء على أن الظاهر من الوضوء الاستنجاء أو إزالة مطلق الخبث مضافا إلى الامر بالاحتياط في مظان النجاسة وأنكر هذا الحكم غير واحد من متأخري المتأخرين بل ذكر بعضهم انه مجرد استحسان لعدم المستند مع ما دل على كون الوضوء من فضل جماعة المسلمين أحب إلى من الوضوء من ركو أبيض وفيه انه يكفي في المستند ما عرفت وكون الوضوء من سؤر المسلمين أحب من الوضوء من الركو الأبيض في الرواية انما هو مع عدم النقص فيه من جهة من الجهات فيكون مزيته على الوضوء من الركو كونه أسهل وأيسر ومحل الكلام ثبوت الكراهة من جهة الظن النوعي بنجاسة سؤر المتهم مع كون شخص الماء مشكوك الطهارة إما مع ظن نجاسة الماء فلا ينبغي التأمل في رجحان الترك ويكره أيضا استعمال سؤر البغال والحمير مطلقا كما هو ظاهر العبارة أو خصوص الأهلية كما فسره جماعة منهم الكركي والميسي وصاحب المدارك مستدلين على الحكم بكراهة لحمهما ومنع كاشف اللثام الكبرى ويمكن الاستدلال بمضمرة سماعة سئلته هل يشرب سؤر شئ من الدواب أو يتوضأ منه قال إما الإبل والبقر فلا باس والنبوي كل شئ يجتر فسؤره حلال ولعابه حلال بناء على أن المراد بالحلية ما لا باس فيه أصلا والمرسلة كان يكره (ع) سؤر كلما لا يؤكل لحمه بناء على إرادة الأعم مما لا يعتاد اكله أو لم يخلق للاكل كما يظهر هذا الاستعمال من بعض اخبار نجاسة بول الحمير والبغال فتأمل وعمم جماعة الحكم للدواب كلها وفى غير واحد من الاخبار نفى الباس عن شرب سؤر الحمار والفرس والبغل لكن الظاهر ورود ذلك في مقابل الكلب فيحمل على نفى الحرمة لا الكراهة وآخرون صرحوا بكراهة سؤر ما لا يؤكل لحمه ولعله لما مر من قوله كل ما اكل لحمه فلا باس بان يتوضأ من سؤره ويشرب ويكره أيضا (سؤر الفارة) في المشهور على الظاهر بل قيل إنه المعروف من المذهب ففي حديث المناهي نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن اكل سؤر الفارة لكنه لا يدل على حكم الماء من حيث الشرب والتوضئ ومن القريب ما عن باب تطهير الثياب من نهاية الشيخ ان الفارة كالكلب
(٦٢)