فدخل وسطهم بالسيف يضرب به وقد اشتملوا عليه، حتى أفضى إلى آخرهم، ثم كرهم ثانيا حتى رجع من حيث جاء. وكان الحباب بن المنذر يجوس المشركين كما تجاس الغنم، ثم اشتملوا عليه حتى قيل قد قتل، ثم برز والسيف في يده، وافترقوا عنه. وأبلى أبو طلحة يومئذ بلاء شديدا (1).
وروى الشيخان ومحمد بن عمر الأسلمي، عن أنس رضي الله عنه قال: لما كان يوم أحد انهزم الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو طلحة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يجوب عنه بحجفته - وفي لفظ: يجوب عليه بحجفته - وكان أبو طلحة رجلا راميا شديد الرمي - وفي لفظ: النزع - فنثر كنانته بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يزل يرمي بها، وكسر يومئذ قوسين أو ثلاثة، وكان الرجل يمر بالجعبة من النبل، فيقول صلى الله عليه وسلم: " انثرها لأبي طلحة "، ويشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلى القوم، فيقول أبو طلحة: يا نبي الله، بأبي أنت وأمي، لا تشرف يصبك سهم من سهام القوم، نحري دون نحرك! (2) ذكر إرسال الله تعالى النعاس على المسلمين الذين ثبتوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم روى الإمام أحمد والبخاري والحاكم عن أبي طلحة والبخاري عن أنس عن أبي طلحة، قال أبو طلحة: كنت فيمن يغشاه النعاس يوم أحد حتى سقط سيفي من يدي مرارا من النعاس، الذي ألقاه الله تعالى عليهم أمنة منه، يسقط وآخذه، وجعلت أنظر وما منهم أحد إلا وهو يميد تحت حجفته من النعاس.
وروى الطبراني في الأوسط عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: ألقي علينا النوم يوم أحد.
وروى ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: آمنهم الله تعالى يومئذ بنعاس غشاهم، وإنما ينعس من يأمن.
وروى ابن جرير، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: النعاس عند القتال أمنة من الله، والنعاس في الصلاة من الشيطان.
وروى محمد بن عمر الأسلمي عن أبي اليسر - بفتح التحتية والسين المهملة - واسمه كعب بن عمرو الأنصاري رضي الله عنه قال: لقد رأيتني يومئذ في أربعة عشر رجلا من قومي