وروى الخطيب في تاريخ بغداد عن الحافظ محمد بن يوسف الفريابي قال: بلغني أن الذين كسروا رباعية رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يولد لهم صبي، فنبتت له رباعية.
قال السهيلي: ولم يولد من نسل عتبة ولد يبلغ الحلم إلا وهو أهتم أبخر، يعرف ذلك في عقبه. وشجه عبد الله بن شهاب الزهري - وأسلم بعد ذلك - في وجهه، وسال الدم من الشجة حتى أخضل الدم لحيته الشريفة. نفسي له الفداء.
ورواه عبد الله بن قمئة - بفتح القاف وكسر الميم وبعدها همزة - فشج وجنته فدخلت حلقتان من حلق المغفر في وجنته. وعلاه بالسيف. وكان عليه درعان، فوقع صلى الله عليه وسلم في حفرة أمامه على جنبه، وهي من الحفر التي عملها أبو عامر الفاسق ليقع فيها المسلمون وهم لا يعلمون، فأغمي عليه صلى الله عليه وسلم، كما رواه ابن جرير عن قتادة، فأخذ علي بن أبي طالب بيده، ورفعه طلحة حتى استوى قائما فجحشت ركتباه، ولم يصنع سيف ابن قمئة شيئا إلا وهن الضربة بثقل السيف، ومكث يجد وهن الضربة على عاتقه شهرا، أو أكثر من شهر. ورمته جماعة كثيرة بالحجارة حتى وقع لشقه.
وروى الطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه: أن ابن قمئة لما رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: خذها وأنا ابن قمئة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أقمأك الله "، فسلط الله تعالى عليه تيس جبل، فلم يزل ينطحه حتى قطعه قطعة قطعة (1).
وروى أبو نعيم عن نافع بن عاصم قال: الذي أدمى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن قمئة رجل من هذيل، فسلط الله تعالى عليه تيسا، فنطحه حتى قتله.
وروى أبو داود الطيالسي وابن حبان عن عائشة قالت: كان أبو بكر إذا ذكر يوم أحد قال: ذلك اليوم كله لطلحة، ثم أنشأ يحدث قال: كنت ممن فاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد فرأيت رجلا يقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم دونه - قال: وأراه قال يحميه - قال: قلت: كن طلحة حيث فاتني ما فاتني، فقلت: يكون رجلا من قومي أحب إلي، وبيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل لا أعرفه، وأنا أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه، وهو يخطف خطفا لا أخطفه، فإذا هو أبو عبيدة بن الجراح، فانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كسرت رباعيته، وشج وجهه، وقد دخل في وجنته حلقتان من حلق المغفر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليكما صاحبكما، يريد طلحة، وقد نزف الدم فتركناه، وذهبت لأنزل ذلك من وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو عبيدة:
أقسمت عليك بحقي لما تركتني، فتركته، وكره أن يتناولها بيده فيؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأزم