وروى الإمام أحمد، ومسلم، عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن المشركين لما أرهقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في سبعة من الأنصار ورجل من قريش قال: من يردهم عنا وهو رفيقي في الجنة؟ فجاء رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل، ثم رهقوه أيضا، فقال: من يردهم عنا وله الجنة؟ - أو هو رفيقي الجنة؟ - فتقدم رجل من الأنصار فقاتل، حتى قتل السبعة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما أنصفنا أصحابنا " (1).
وروى البخاري عن قيس بن أبي حازم قال: رأيت يد طلحة بن عبيد الله شلاء وقى بها النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد.
وروى الدارقطني في الافراد، والطبراني عن طلحة. والنسائي، والطبراني، والبيهقي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهم: أن طلحة أصابه سهم في أنامله فقال: حس. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو قلت بسم الله لطارت بك الملائكة والناس ينظرون حتى تلج بك في جو السماء، ولرأيت بناءك الذي بنى الله لك في الجنة وأنت في الدنيا " (2).
وروى ابن أبي شيبة والإمام أحمد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: إن النساء يوم أحد كن خلف المسلمين يجهزن على جرحى المشركين، فلو حلفت يومئذ لرجوت أن أبر أنه ليس أحد منا يريد الدنيا، حتى أنزل الله تعالى: (منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة) [آل عمران 152] فلما خالف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعصوا ما أمروا به أفرد رسول الله صلى الله عليه وسلم في تسعة: سبعة من الأنصار، ورجلين من قريش، وهو عاشرهم، فلما رهقوه قال: رحم الله ردهم عنا فذكر نحو الحديث الذي قبله.
وقال ابن إسحاق: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين غشيه القوم قال: " من رجل يشري لنا نفسه؟ " فقام زياد بن السكن في خمسة من الأنصار - وبعض الناس يقول: إنما هو عمارة بن يزيد بن السكن -، فقاتلوا دون رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا رجلا يقتلون دونه، حتى كان آخرهم زيادا أو عمارة، فقاتل حتى أثبتته الجراحة، ثم فاءت فئة من المسلمين فأجهضوهم عنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أدنوه مني "، فأدنوه منه فوسده قدمه، فمات وخده على قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبه أربع عشرة جراحة.
وقاتل علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من ناحية، وأبو دجانة من ناحية، وسعد بن أبي وقاص من ناحية، وانفرد علي بن أبي طالب بفرقة فيها عكرمة بن أبي جهل،