من يعبد من دون الله حصب جهنم مع من عبده؟ فنحن نعبد الملائكة، واليهود تعبد عزيرا، والنصارى تعبد عيسى.
فعجب الوليد ومن كان معه في المجلس من قول ابن الزبعرى، ورأوا أنه قد احتج وخاصم.
فذكر ذلك لرسول الله صلى عليه وسلم فقال: " كل من أحب أن يعبد من دون الله فهو مع من عبده في النار، إنهم إنما يعبدون الشياطين ومن أمرتهم بعبادته ".
فأنزل الله تعالى: " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون.
لا يسمعون حسيسها وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون " (1).
أي عيسى وعزيز ومن عبد من الأحبار والرهبان الذين مضوا على طاعة الله تعالى.
ونزل فيما يذكرون أنهم يعبدون الملائكة وأنها بنات الله: " وقالوا اتخذ الرحمن ولدا، سبحانه، بل عباد مكرمون " (2). والآيات بعدها.
ونزل في إعجاب المشركين بقول ابن الزبعرى: " ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون. وقالوا أ آلهتنا خير أم هو؟ ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون " (3).
وهذا الجدل الذي سلكوه باطل.
وهم يعلمون ذلك، لأنهم قوم عرب، ومن لغتهم أن " ما " لما لا يعقل، فقوله " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون " إنما أريد بذلك ما كانوا يعبدونه من الأحجار التي كانت صور أصنام، ولا يتناول ذلك الملائكة الذين