فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الله حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد اللهم بارك لنا في صاعها وفى مدها، وصححها لنا وانقل حماها إلى الجحفة ".
قالت: وقدمنا المدينة وهي أوبأ أرض الله، وكان بطحان يجرى نجلا، يعنى ماء آجنا.
وقال زياد عن محمد بن إسحاق: حدثني هشام بن عروة وعمر بن عبد الله بن عروة ابن الزبير، عن عائشة قالت: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة قدمها وهي أوبأ أرض الله من الحمى، فأصاب أصحابه منها بلاء وسقم وصرف الله ذلك عن نبيه، قالت: فكان أبو بكر وعامر بن فهيرة وبلال موليا أبى بكر في بيت واحد فأصابتهم الحمى، فدخلت عليهم أدعوهم وذلك قبل أن يضرب علينا الحجاب، وبهم ما لا يعلمه إلا الله من شدة الوعك، فدنوت من أبى بكر فقلت: كيف تجدك يا أبت؟ فقال:
كل امرئ مصبح في أهله * والموت أدنى من شراك نعله قالت: فقلت: والله ما يدرى أبى ما يقول. قالت: ثم دنوت إلى عامر بن فهيرة فقلت: كيف تجدك يا عامر؟ قال:
لقد وجدت الموت قبل ذوقه * إن الجبان حتفه من فوقه كل امرئ مجاهد بطوقه * كالثور يحمى جلده بروقه قال: فقلت: والله ما يدرى ما يقول، قالت: وكان بلال إذا أدركته الحمى اضطجع بفناء البيت ثم رفع عقيرته فقال:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة * بفخ وحولي إذخر وجليل وهل أردن يوما مياه مجنة * وهل يبدون لي شامة وطفيل