وقد رواه مسلم أيضا من حديث شعبة، عن أبي مسلم، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد (1)] قال: حدثني من هو خير منى، أبو قتادة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمار بن ياسر " بؤسا لك يا بن سمية تقتلك الفئة الباغية ".
وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا وهيب، عن داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حفر الخندق كان الناس يحملون لبنة لبنة، وعمار ناقة من وجع كان به، فجعل يحمل لبنتين لبنتين. قال أبو سعيد:
فحدثني بعض أصحابي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينفض التراب عن رأسه ويقول: " ويحك ابن سمية تقتلك الفئة الباغية ".
قال البيهقي: فقد فرق بين ما سمعه بنفسه وما سمعه من أصحابه.
قال: ويشبه أن يكون قوله: " الخندق " وهما، أو أنه قال له ذلك في بناء المسجد وفى حفر الخندق. والله أعلم.
قلت: حمل اللبن في حفر الخندق لا معنى له، والظاهر أنه اشتبه على الناقل.
والله أعلم.
وهذا الحديث من دلائل النبوة، حيث أخبر صلوات الله وسلامه عليه عن عمار أنه تقتله الفئة الباغية.
وقد قتله أهل الشام في وقعة صفين، وعمار مع علي وأهل العراق.
وقد كان على أحق بالامر من معاوية، ولا يلزم من تسمية أصحاب معاوية بغاة تكفيرهم، كما يحاوله جهلة الفرقة الضالة من الشيعة وغيرهم، لأنهم وإن كانوا بغاة في نفس الامر فإنهم كانوا مجتهدين فيما تعاطوه من القتال، وليس كل مجتهد مصيبا، بل المصيب له أجران والمخطئ له أجر.