تبارك وتعالى أن يكفيكم أمره بأحدهم. قال فقال له الأشراف من أهل الكوفة: يا بن مخنف! ننشدك بالله أن لا تفسد علينا ما اجتمعنا عليه من أمرنا. قال: فأمسك عنهم عبد الرحمن بن مخنف ثم قال: يا هؤلاء! فإني ممسك عنكم فافعلوا ما بدا لكم، ولكن إن كنتم قد عزمتم على الخروج عليه فلا تعجلوا وتلبثوا حتى يمضي إبراهيم بن الأشتر إلى عبيد الله بن زياد، ويبقى المختار ههنا في نفر يسير، فعند ذلك فافعلوا ما بدا لكم إن لم يكن لكم ناصر ينصره ويذب عنه.
قال: فسكت أهل الكوفة عن المختار، حتى إذا علموا أن ابن الأشتر قد بلغ ساباط المدائن نادوا وخرجوا وارتفعت الضجة، ولم يبق أحد بالكوفة ممن كان مختفيا وشارك في قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما إلا ظهر. قال: ونقض القوم بيعة المختار وخرجوا عليه، فخرج الشمر بن ذي الجوشن في جبانة السكون (1)، وخرج كعب بن أبي كعب في جبانة بشر، وخرج إسحاق [بن محمد -] (2) بن الأشعث في جبانة كندة، وخرجت (3) قبائل همدان في جبانة السبيع.
قال: فصارت الكوفة كلها على المختار سيفا واحدا، فلما رأى ذلك دعا برجل من خاصته يقال له عمرو بن توبة فأمره بالركض إلى إبراهيم بن الأشتر يخبره بقصته، وكتب: انظر، لا تضع كتابي من يدك أو تقبل إلي راجعا بجميع من معك، فإن أهل الكوفة قد نقضوا بيعتي وخرجوا علي - والسلام، فالعجل العجل.
قال: فمضى الرسول إلى إبراهيم بن الأشتر، وبعث المختار برسله إلى هؤلاء الذين خرجوا عليه فقال: يا هؤلاء! أخبروني ما الذي حملكم على نقض بيعتي والخروج علي! وأخبروني ما الذي تريدون! فإني نازل بحيث تحبون. فقالوا:
نريد أن تعتزل عنا فإنك زعمت أن محمد ابن الحنفية أرسلك إلينا وقد كذبت على ابن الحنفية. قال: فرجعت الرسل إلى المختار فأخبروه بذلك، فأرسل إليهم المختار أن يا هؤلاء فلا عليكم، ها أنا ههنا بين أظهركم مقيم، فابعثوا برسلكم إلى ابن الحنفية واسألوه عن ذلك ولا تعجلوا.
قال: وجعل المختار يرسل إليهم رسولا بعد رسول كل ذلك ليشغلهم عن