الأزارقة بعد مقتل محرز بن هلال، فعزموا على المناجزة والقتال. قال: وثبت لهم المهلب وأصحابه إلى الزوال وصارت الدائرة عليهم، فقتل منهم بشر كثير وولوا مدبرين، واحتوى المهلب وأصحابه على كراعهم وعامة أموالهم.
واتصل الخبر بأهل البصرة فاشتدت لذلك ظهورهم، ثم وثب الأحنف بن قيس فقال: يا أهل البصرة! اشكروا الله ثم المهلب، فو الله لقد جلا الله به عنا أمرا عجز عنه القرم الحازم! والله! أن لو قلنا أن البصرة كلها للمهلب وأن الله تعالى أفاءها عليه كما أفاء غيرها على غير لصدقنا. قال: فقال (1) الناس: صدقت أبا بحر! ولن يجحد ذلك إلا عدو الإسلام، قال: فأنشأ حنظلة بن عرادة في ذلك يقول:
أقول وعيني تجتلي كل كوكب * ألا إن هذا المصر فيء المهلب نفى الذل عن أبنائنا ونسائنا * مولهة من بين بكر وثيب فلولا دفاع الله عنا لحلقت * بنا يوم جاؤوا الجسر عنقاء مغرب وقد كسفت شمس النهار وأطبقت * صبابة يوم أزرقي عصبصب فلا تكفروه واشكروه وعقبه * ولا الابن مما كان بالأمس كالأب قال: وبلغ عبد الملك بن مروان ما كان من أمر عبد العزيز وفضيحته بدار أبجر، فأقبل على جلسائه ثم قال: إن خالد بن عبد الله عصاني في الذي أمرته ولست أقدر على عقوبة له هو أكثر من عزله وفضيحته في قريش. ثم كتب إليه: أما بعد! فلو كانت عقوبتي إياك على قدر ذنبك (2) إذا لأتاك مني ما لا تقوم له ولا بقية بعده (3) ولكني جعلت عقوبتك عزلك، وذلك أني عهدت إليك في المهلب بن أبي صفرة عهدا وأمرتك بتقدمه، فلما ملكت أمرك آثرت أخاك على طاعتي، وإني الآن قد وليت بشر بن مروان ما في يدك من العمل، فسلمه إليه - والسلام -.
ذكر ولاية بشر بن مروان العراقين قال: وكان بشر بن مروان يومئذ عاملا على الكوفة، فضمت إليه البصرة فكان