عامل العراقين جميعا. قال: فدعا بشر بن مروان بعمرو بن حريث المخزومي فاستخلفه على الكوفة وأقبل إلى البصرة، فلما دخلها واستقر بها وإذا كتاب عبد الملك بن مروان وقد ورد عليه (1): أما بعد يا بشر! فإن أخو أمير المؤمنين وشقيقه، ومن زينه زينه وشينه شينه، فإن خالد بن عبد الله أمرته بأمري فقدم أمره وأخر أمري، وذلك أنه عزل رجلا مثل المهلب حجر الإسلام وشجا العدو، واستعمل ملكا لم يدعه إليه إلا قرب رحمه واتباع هواه، فإياك يا بشر أن تعزل المهلب عن حرب الأزارقة! فأعزلك كما عزلت خالدا - والسلام. قال: ثم أثبت عبد الملك بن مروان في كتابه إلى أخيه بهذه الأبيات:
يا بشر إنك إن عصيت فهذه * فعل كفعل أبي أمية خالد عزل المهلب والمهلب حية * صماء ما لسليمها من عائد وجاء أخاه بالذي قعدت به * حره علي ولم أكن بالراقد عاجلته قبل العتاب بعزله * وأخفته ببوارق ورواعد ولو أنني أمهلته يمشي بها * مرحا وكان أبو أمية رائدي أطرى أخاه كأنني عريته * وتشرب الصهباء شرب البارد فلقد جنى عبد العزيز جناية * ما عارها أبدا بعار بائد وجدوا الدواء بكل داء معضل * إلا دواء الحمق ليس بواجد فارم الأزارق بالمهلب إنه * شيخ العراق وفيهم كالواحد وكفى به لله درك وحده * قد يكتفي من رأيه بالواحد قال: فكتب إليه بشر بن مروان: أما بعد يا أمير المؤمنين! فإني كنت للمهلب على حالة نقلني الله عنها إلى ما هو خير منها، ولو وكلني الله إلى رأي لرضيت بغير رضا وأخذت من غير ثقة، ولكنه أدراني الخطأ خطأ والصواب رأيا، وقد أنفذت في المهلب ما أمرني به أمير المؤمنين أيده الله تعالى، ولم يكن يأتيه مني إلا ما يحبه - والسلام -. قال: ثم أثبت بشر (2) في كتابه هذه الأبيات:
سواء ومن أرسى ثبيرا مكانه * عصيتك أو دليت في ظلمة القبر وللموت أدنى من خلافك طرفة * وهل لي إن خالفت أمرك من عذر