إذا كان بشر في الأمور كخالد * وصاحبه الأدنى فشلت يدا بشر رأى خالد عزل المهلب للذي * أراد وكانت تلك من عجب الدهر أيعزل ميمون النقيبة حازما * لأجبن من بوم يروع من صقر فلا أحرم الدهر المهلب سوله * ولا أخرج الدهر المهلب من أمري إذا أنا لم أتبع هواك فما الذي * أقول لربي يوم ألقاه في الحشر فأمرك عندي يملأ الصدر هيبة * وأهون منه ما يضيق به صدري قال: ثم دعا بشر بن مروان بأسماء بن خارجة الفزاري وعكرمة بن ربعي البكري فقال لهم: إنه قد ورد علي هذا الكتاب في المهلب من أمير المؤمنين وهوائي من ورائي في غيره. فما الذي عندكم من الرأي؟ فقال أسماء بن خارجة: أيها الأمير! إن أمير المؤمنين ما ولاك ما أنت فيه إلا ليعمل برأيك، فامض هواك فيمن يريد، فقال له عكرمة بن ربعي (1): أيها الأمير! لا تفعل فإن عزل المهلب عن الأزارقة متصل بعزلك، وإن أمير المؤمنين لا يحملك على مخالفته، فلا تخالفه وأنفذ المهلب إلى حرب الأزارقة فليس لهم أحد سواه.
قال: فلم يلتفت بشر بن مروان إلى مقالة عكرمة بن ربعي وغلبه هواه ورأيه، فأرسل إلى المهلب فعزله عن حرب الأزارقة وأمره بالرجوع إلى البصرة، فرجع وطمعت الأزارقة في الظفر، فرجعوا من سابور فارس حتى نزلوا الأهواز، ثم كتب صاحبهم قطري بن الفجاءة إلى بشر بهذه الأبيات:
ألا قل لبشر إن بشرا مصبح * بخيل كأمثل السراجين شزب يقحمها عمرو القنا وعبيدة * مفدى خلال النقع بالأم والأب هنالك لا تبكي عجوز على ابنها * فأبشر بجذع للأنوف موعب ألم ترنا والله بالغ أمره * ومن غالب الأقدار بالشر يغلب رجعنا إلى الأهواز والخيل عكف * على الخير ما لم يرمنا بالمهلب قال: فلما سمع بشر بن مروان هذه الأبيات كأنه أفكر في قوله، ثم دعا وجوه الناس فقال لهم: أخبروني هل تعلمون مكان أحد يقوم بحرب الأزارقة غير المهلب؟