إلى آخرها. قال: ثم إن عبد العزيز مضى إلى مكة (1) فأقام بها حياء من الناس.
قال: واجتمعت الأزارقة وشجع بعضهم بعضا وأقبلوا يريدون البصرة، وبلغ ذلك خالد بن عبد الله أمير البصرة، فضاقت عليه الأرض بما رحبت ولم يد رما يصنع، ثم كتب إلى المهلب: أما بعد! فإني كنت عصيتك يوم الأهواز وعصيتك في عبد العزيز، وأنا أكره أن أعصيك اليوم، وليس لهذا العدو الكلب أحد سواك، وإنما تقاتل عن مصرك وتذب عن حريمك، فسر رحمك الله إلى عدوك، وأفرج هذه الغمة عن بلدك - والسلام -.
قال: فلما ورد الكتاب على المهلب وقرأه نادى في أصحابه فجمعهم إليه. ثم قال: اعلموا أنكم جندي الذي جيشكم الله لنكاية هذا العدو، ولو دخلتم البصرة لم تحشروا إلى ثانيه إلا بالسيف، وأنا أعلم إن اتصل خبر عبد العزيز بأمير المؤمنين عبد الملك بن مروان فإن خالدا لمعزول لا محالة (2)، وهذا عدو قد كلب علينا، وليس يجمل بنا إلا الإمساك عنه، ولكنا نسير إليه فنكفه عن مصرنا إلى أن يأتي أمر أمير المؤمنين. قال فقال الناس: أيها الأمير! أمرك سمع وطاعة، فسر بنا رحمك الله حيث شئت.
قال: فسار المهلب من الأهواز يريد الأزارقة، وبلغهم ذلك فساروا نحوه، والتقى القوم فاقتتلوا يومهم ذلك إلى الليل ثم تحاجزوا، وبات الفريقان جميعا يحرسان بعضهم بعضا.
فلما كان من الغد وثب المهلب فعبي أصحابه ميامن ومياسر وكمناء وأجنحة، وعبت الأزارقة كذلك، ودنا الجيشان بعضهم من بعض. وخرج رجل من فرسان