شيئا من الكسوة وامض (1)، فلا ترجعن إلا بخبره حيث كان من أرض الله! قال:
فحمل الصعب بن يزيد ما أمر به المهلب وخرج من الأهواز، فلم يزل يسير حتى دخل أرض فارس، ثم جعل يسأل عن عبد العزيز حتى أصابه في أداني أرض جروز (2) مما يلي دار أبجرد في خرابة عند عجوز، ومعه شرذمة من أصحابه، وإذا هو جالس يوقد نارا، فلما نظر إليه الصعب بن يزيد ناداه فقال: مرحبا بالصابر المخذول! قال: فرحب به عبد العزيز ثم قال: كيف تركت أبا سعيد - يعني المهلب؟ فقال له الصعب: أبو سعيد والله كثير البكاء عليك، لائم لأخيك فيك.
فقال عبد العزيز: معك شيء من الطيب؟ قال: نعم معي طيب وكسوة. قال:
فبكى عبد العزيز ثم قال: يا صعب كان المهلب أولى مني بما أنا فيه، وكنت أحوج إلى ما في يده منه، يا صعب! النار والعار هزيمة من يدي عدو وفضيحة في حرمة، إني لأستحيي أن أرفع رأسي إليك، قال: ثم جعل يقول:
ألم ترني والله بالغ أمره * تمنيت أمرا والأماني طوائل تمنيت ما كان المهلب ناله * وزين ذاك الجحدري مقاتل فلم آل في حرب الأزارق مثله * ولا مثله في الناس حاف وناعل أبى الله إلا أن يبين فضله * وكل سؤول كالذي قلت قائل منيت بأمر ينكس الرأس مثله * أردده في الصدر والدمع هامل قال: ثم بكى عبد العزيز وانتحب، فكساه الصعب بن يزيد ما كان معه من الثياب ودفع إليه الطيب الذي حمله له. ثم رجع إلى المهلب فأخبره بذلك. فقال المهلب: ويحك يا صعب فكيف رأيت؟ فقال: أيها الأمير! لا تسأل عن شيء، رأيته والله بشر وعر، أما النهار ففي أفنية النخل، وأما الليل ففي دهليز عجوز. فقال المهلب: والله ما أظنه يجتمع مع الناس في مجلس بعد هذه الفضيحة، فأنشأ المغيرة بن حبناء التميمي في ذلك يقول أبياتا مطلعها:
قرت العين بالذي حدث الصع * ب به من فضوح عبد العزيز