قال: فتكلم (1) قوم ممن يبغضون المهلب ويحسدونه فقالوا: نعم أيها الأمير! هذا محمد بن عمير بن عطارد وهو رجل من ربيعة، وهذا زحر بن قيس هو رجل من اليمن، وكل واحد من هؤلاء يمكنه القيام بحرب الأزارقة! قال: فأرسل بشر بن مروان إلى أولئك الثلاثة (2) فدعاهم ثم ندبهم إلى حرب الأزارقة، فقالوا: أيها الأمير! إنه قد دعي إلى هذا الأمر قبل اليوم من هو أكثر منا غنى فلم يقدموا عليه ولم يقوموا به، وليس لهذا الأمر إلا الملهب. قال: وكان بشر لم يعجبه ذلك، فأنشأ رجل من الأزد في ذلك يقول:
يا بشر إنك للمهلب ظالم * والظلم عند المسلمين قبيح فارجع ففيك وفي أخيك بقية * طال اللجاج وطال ذا التجليح إن المهلب لا يبل سليمه * وعدوه حتى الممات جريح وله إذا عدم الرجال عقولهم، عقل يبيد به الرجال صحيح ما زال مذ عقدت يدا آراؤه * تغدو عليه خطة وتروح ليس الذين دعوتهم أمثاله * وهواك في غير المهلب ريح فاز المهلب بالفعال وقدحهم * فيما ألم من الأمور تسيح فارم (3) العدو به ولكن مستقينا * أن العدو بسهمه مذبوح ألزمته ذنبا ولو أنصفته * مات العتاب وأوتر التصريح قال: ففشا هذا الشعر في الناس حتى انتهى إلى بشر بن مروان، فأيقن بشر (4) أن الأزارقة غالبة على البلاد، فقال: والله إني لأستحي أني رأيت المهلب بالأمس غناي عنه وأحتاج إليه اليوم بالأهواز وغدا بالجسر وبعد غد (5) بالبصرة، وإنما يعمل برأي أمير المؤمنين فامض المهلب إليهم ودع اللجاج.
قال: فعندها بعث بشر بن مروان إلى المهلب فدعاه، وقد عمد إلى امرأته هند بنت أسماء بن خارجة فأقعدها من ورائه خلف الحجلة لتكون هي التي تكلم