وشاح على مقدمته. قال: فسبقه بكير بن وشاح فدخل فتحصن بها مخالفا عليه، قال: وأقبل أمية بن عبد الله وقد أنكر ذلك من فعل بكير حتى صار إلى مدينة مرو، فمنعه بكير بن وشاح أن يدخلها. قال: فأقام أمية على باب مرو أربعة أشهر لا يقدر على الدخول إلى مرو لحصانتها. قال: ثم دخلت السفراء بينهم بالصلح، فصالحه أمية على أن يعطيه مائتي ألف درهم وعلى أن يسوغه ما أخذ من أموال خراسان قبل ذلك. قال: ففتح بكير بن وشاح باب مدينة مرو، فدخلها أمية بعد أربعة أشهر وفي قلبه من بكير بن وشاح ما في قلبه.
قال: وأقبل إليه صاحب شرطته بحير بن ورقاء فقال: أيها الأمير! إن بكير بن وشاح فعل ما فعل، والآن يريد أن يخرج عليك، فكن منه على حذر؟ قال: فكأن أمية لم يصدق ذلك، ثم أرسل إليه الدسس واستبحث واستخبر فإذا الأمر على ما قاله بحير بن ورقاء. قال: فدعا أمية ببكير بن وشاح هذا، فقال له: يا عدو نفسه!
أكلت أموال خراسان هذه المدة وأمير المؤمنين عنك مشغول بآل الزبير، ثم إني قدمت هذا البلد وقدمتك ورفعت قدرك، وجعلتك خليفتي وصاحب أمري، وجعلت جيشي تحت يديك، ثم إنك غدرت وتحصنت بمدينة مرو وأنا على بابها أربعة أشهر، ثم إني صفحت عنك وسوغتك ما أكلت وأخذت من أموال خراسان، ودفعت إليك مائتي ألف درهم، والآن تريد أن تخرج علي! قال فقال بكير: أصلح الله الأمير، مكذوب علي، ما أعلم من هذا شيئا! قال: فأقام عليه أمية البينة بذلك، ثم قال: من يقوم إليه فيضرب عنقه؟ فقام بحير بن ورقاء فقال: أيها الأمير! أنا أستحل دمه، فإنه رجل فاسق غدار، وهو الذي قتل ابن عمي عبد الله بن خازم السلمي! قال أمية: فدونك إياه إذا. قال: فضرب بحير بن الورقاء بيده إلى سيفه فاستله، فقال له بكير بن وشاح: لا تقتلني أنت ودع الأمير، كيف فإنك مطالب بدمي! فقال له بحير: أنت إنما تقول هذا من جزع القتل، فقال له بكير بن وشاح:
ستعلم ذلك عن قريب يا بحير! فقدمه بحير بن الورقاء فضرب عنقه صبرا، ثم أنشأ يقول:
يظن بكير أن ما في أضالعي * من الحقد يمحوه الكسا والدراهم وإني سأغضي عن أمور كثيرة * وقتل فتى آذاه ذو الفضل خازم