ولكن منينا بالمهلب أنه * رجا (1) قاتل في داخل الخلق منسب قال: فخرج المهلب إلى البصرة، فقال له خالد بن عبد الله بن أسيد: أردت أمرا كنت أولى به مني، أنت والله أعلم بحرب القوم، غير أني قد رأيت رأيا! قال المهلب: وما ذاك؟ أصلح الله الأمير! فقال: أوليك خراج الأهواز فتمضي إليها وتنفي الأزارقة عنها وتقيم بها، وأولي أخي عبد العزيز حرب القوم، فقال له المهلب: أيها الأمير! أنا لا أصلح للخراج، وأخوك عبد العزيز لا يصلح لحرب (2) الأزارقة، لأن هذا الأمر له شأن يسكع عنده الجبان ويثبت عنده الحازم.
قال: ثم وثب رجل من بني تميم يقال له سلمة بن عبد الله السعدي وكان شاعرا مجيدا، فأنشأ يقول أبياتا مطلعها:
أيا ابن أسيد وكنت امرأ * من أهل الحجاز من أهل الورع إلى آخرها. ثم أنشأ الصلتان العبدي في ذلك يقول أبياتا مطلعها:
أيا ابن أسيد تبعت الهوى * وشر الفعال الهوى والمنى إلى آخرها. قال: فغضب خالد بن عبد الله من مقالة هؤلاء القوم وأبى أن يوجه إلى حرب الأزارقة إلا أخاه عبد العزيز. قال: وإنما أراد خالد بن عبد الله (3) أن يري أهل البصرة غناه عن المهلب وأن يسقط منزلته من عيون الناس، وأمره بالمسير إلى الأهواز ليجبي خراجها وينفي الأزارقة عنها. قال: وعلمت الأزارقة أن المهلب سار إلى ما قبلهم، فتنحوا من بين يديه إلى أرض فارس، ونزل المهلب بالأهواز على خراجها.
وتهيأ عبد العزيز للمسير إلى الأزارقة، فانتخب من الرجال ما أراد، وقربت أثقاله للرحيل، فأنشأ رجل من عبد القيس يقول أبياتا مطلعها:
أمامة لا تلحي فإنك مائقة * على طول ليلى من حذار الأزارقة إلى آخرها. قال: وسار عبد العزيز في جيشه ذلك (4)، وكتب خالد بن