قد سمعت كلامكم وأنا نازل عندما تحبونه إن شاء الله تعالى ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
قال: فخرج (1) الناس من عنده، وأقبل خالد على من كان عنده من بني عمه فقال: ويحكم يا معشر قريش! والله لقد ذهب المهلب بحظ هذا المصر وأمير المؤمنين يظن أن أحدا لا يقوم مقام المهلب، وأيم الله لولا أني أكره أن يكون من يدي أمر يعصيه أمير المؤمنين (2) لبعثت أخي عبد العزيز إلى حرب الأزارقة! فقال له بعض بني عمه: أيها الأمير! إن أمير المؤمنين قد رأى مكان أخيك عبد العزيز فلا تعصه وابعث المهلب إلى حرب الأزارقة كما أمرت. فقال خالد بن عبد الله: حتى أنظر في ذلك.
قال: وغلبت الأزارقة على الأهواز (3) فعزم خالد بن عبد الله أنه يسير إليهم بنفسه، وأشار عليه نفر من بني عمه بذلك فقالوا: أيها الأمير! إنك إن سرت إلى الأزارقة بنفسك فهزمتهم سقطت منزلة المهلب من عيون الناس ونظر الناس إليك بعين الجلالة.
قال: فعندها عزم خالد بن عبد الله (4) على المسير إلى الأزارقة بنفسه وأقبل إليه المهلب فقال: أيها الأمير! إنك سائر إلى هؤلاء القوم وأنا أعلم بحربهم منك، وليس لك بد من أن تحمل أموالك وسلاحك في السفن، فانظر إذا تقاربت من القوم فاعمل على أن تدخل سفنك إلى نهر الأهواز، وتخندق على عسكرك خندقا ثم تقاتلهم بخيلك ورجلك، فإن غلبتهم تقدمت، وإن غلبوك رجعت إلى خندقك.
قال: فتبسم خالد ثم قال: يا أبا سعيد! إن الأمر أسرع من ذلك وأسرع مما تذهب إليه، أتظن أني أريد أن أشتو هنالك، إنه ليس الخندق من شأني. قال: فانصرف