أبوك قد أبى أن يستأمن فهلم أنت إلينا فأنت آمن! فقال له أبوه: إن بني عمك قد آمنوك فصر إليهم فإني مقتول، فقال عيسى: لا والله! لا تحدث عني نساء قريش بهذا أبدا. قال: ثم جعل عيسى يقاتل بين يديه حتى قتل، فنزلوا إليه فاحترزوا رأسه وأتوا إلى عبد الملك بن مروان حتى وضعوه بين يديه.
قال: وبقي مصعب بن الزبير لا يقدر أن يحرك يدا ولا رجلا من كثرة الجراحات، فحمل عليه عبيد الله بن زياد (1) بن ظبيان التميمي فطعنه طعنة نكسه عن فرسه، ثم جال في ميدان الحرب وهو يقول:
نحن قتلنا مصعبا وعيسى * وكم قتلنا قبله رئيسا قرما شجاعا بطلا نفيسا * به يؤوس مصرنا تأسيسا (2) قال: ثم نزل رجل من أهل الشام إلى مصعب بن الزبير فاحتز رأسه وجاء به إلى عبد الملك بن مروان فوضعه بين يديه، وأنشأ بعض أهل الكوفة (3) في ذلك يقول:
لقد أورث (4) المصرين حزنا (5) وذلة * قتيل بدير الجاثليق مقيم فما جاهدت في الله (6) بكر بن وائل * ولا صبرت يوم اللقاء تميم لعمري لقد ضاع الزمان ولم يكن (7) * بها مضري يوم ذاك كريم جزى الله كوفانا هناك ملامة * وبصري هم إن المليم مليم