أصحابه حتى وقف في الناس خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس! إن فيكم رجلا أعمى الله قلبه كما أعمى الله بصره، يزري على عائشة أم المؤمنين، ويعيب طلحة والزبير حواري رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويحل المتعة، فاجتنبوه، جنبه الله السداد.
قال: وكان ابن عباس يومئذ حاضرا، فلما سمع ذلك وثب قائما على قدميه، ثم قال (1): يا بن الزبير! أما ما ذكرت من أم المؤمنين عائشة، فإن أول من هتك عنها الحجاب أنت وأبوك وخالك وقد أمرها الله عز وجل أن تقر في بيتها، فلم تفعل فتجاوز الله عنها ورحمها، وأما أبوك وأنت وخالك طلحة وأشياعكم، فلقد لقيناكم يوم الجمل فقاتلناكم، فإن كنا مؤمنين فقد كفرتم بقتالكم المؤمنين، وإن كنا كفارا فقد كفرتم بفراركم من الزحف، وأما ذكرت للمتعة أني أحلها، فإني إنما كنت أفتيت فيها في خلافة عثمان بن عفان وقلت: إنما هي كالميتة والدم ولحم الخنزير لمن اضطر إليها، حتى نهاني عنها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين رخص فيها على حد الضرورة، وسمعته حين حرمها ونهى عنها بعد ذلك، وإن الله تبارك وتعالى قد حرمها ونهى أن يرخص فيها، فما رخصت فيها لأحد بعد ذلك إلى يومي هذا، فإنه قد كان يجب عليك أن لا تذكر المتعة فإنك إنما ولدت من متعة، فإذا نزلت عن منبرك هذا فصر إلى أمك فسلها عن بردي عوسجة (2)، قال: فقال له ابن الزبير: اخرج عني، لا تجاورني! فقال: نعم والله لأخرجن خروج من يقلوك ويذمك. ثم قال ابن عباس: اللهم! إنك قادر على