كالتبرع من الثلث، بل صريح الكفاية أنه مذهب الأصحاب، حيث قال بعد ذكر الوصية بالواجب المالي والبدني والتبرع: ولو حصر الجميع في الثلث بدئ بالواجب المالي وإن زاد على الثلث عند الأصحاب (1)، وهو لازم كل من قال بقول المشهور، كما صرح به المحقق الثاني (2)، إلا أنه صرح في المسالك بتقديم الواجب البدني على المتبرع بها (3)، وتبعه بعض من تأخر (4)، بل في الرياض: عدم وجدان الخلاف فيه إلا من صاحب الكفاية (5).
ولعل هذه الدعوى من جهة إطلاقات معاقد الاجماع على حكمهم بتقديم الواجب على غيره عند التزاحم، بل صرح بعضهم بالاستدلال بقول صاحب التنقيح: (لا خلاف في أنه لو أوصى بواجب كحج، أو زكاة، أو دين، إنه يقدم على المتبرع بها) (6)، ولا يخفى أن مرادهم خصوص المالي، وإلا لوجب أن ينسحب إليهم القول بخروجه من الأصل عند الوصية بدونها.
هذا مع أن كلام المحقق الثاني صريح في نفي الفرق عند القائل بكون الواجب البدني من الثلث بين سلامته من مزاحمة المتبرع بها، وبين مزاحمته به.
وبالمجملة، فلا إشكال في كون هذا القول خلاف المشهور، بل الظاهر تفرد صاحب المسالك به، وإن كان عجيبا مع التفاته قدس سره إلى كلام المحقق