من باب الأفعال والتفعيل، لا الثلاثي المجرد، اللهم إلا أن يريدوا أن أصل هذه اللفظة مأخوذة من وصى يصي، حتى أن الايصاء والتوصية بمعنى العهد مأخوذ من ذلك، لا أن (1) الوصية المذكورة في الاستعمالات مصدر وصى يصي، فلا خلاف في المعنى، ولعل هذا هو المتعين.
ونظيره: أنهم يفسرون الطهارة - في كتاب الطهارة - بفعل المكلف، أعني استعمال الطهور، أو نفس الوضوء والغسل والتيمم، ومع ذلك يذكرون:
أن الطهارة من " طهر "، وليس مرادهم أن الطهارة المفسرة بفعل المكلف مصدر ل " طهر "، لأن المصدر منه حدث قائم بالجسم الطاهر أو بالشخص المتطهر.
والغرض من ذلك كله: أن الوصية في الكتاب والسنة وألسنة الفقهاء بمعنى العهد إلى الغير، إلا أن هذا المعنى قد يتعلق بتمليك شخص شيئا من ماله، وقد يرجع إلى تسليط في التصرف، وقد يتعلق بفعل آخر: كفك ملك بتحرير أو وقف، وقد يرجع إلى أمر يتعلق بنفس الموصي كأمر تجهيزه ودفنه، وقد يتعلق بغير ذلك.
ففي رواية الجعفري (2)، عن أبي عبد الله عليه السلام " قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من لم يحسن وصيته عند موته كان نقصا في مروته وعقله، قيل: يا رسول الله وكيف يوصي الميت؟ قال: إذا حضرته الوفاة واجتمع الناس إليه، قال: اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب