فإن قلت: [إن ذلك] (1) لما وجب على الميت الايصاء - كما تقدم - ومرجعه إلى الأمر ببذل الأجرة للاستنابة.
قلنا: الموجب لصدق الدين هو وجوب البذل على الميت، لا وجوب الأمر به عليه، بل إذا وجب الأمر بالبذل، يصير الأمر بالبذل واجبا مثل الصلاة، فصح إطلاق الدين عليه، فإذا تركه فقد فات، وإذا فعله فقد أدى ما عليه.
ومما ذكرنا يظهر: أن كل من أطلق في فتواه أو معقد إجماعه (أن الواجب يخرج من الأصل) أراد به - بقرينة قوله: يخرج من الأصل -:
الواجب القابل لاخراجه من مال الميت بأن يكون نفس بذل المال أو متوقفا عليه، والصلاة عن الميت في نفسها التي هي أداء دينها وفعل للنائب، ليس كذلك.
نعم الاستنابة للصلاة عن الميت قابل لاخراجها من مال الميت لتوقفها على بذل المال، لكنها ليست واجبة على الميت، بل الواجب عليه الأمر بها، فما هو واجب في ذمته غير قابل لاخراجه من المال، وما هو قابل غير واجب، بل وكذا الكلام في قولهم: (إن غير الواجب يخرج من الثلث) فإن المراد به ما كان من الأمور الغير الواجبة الموصى بها قابلا للاخراج من المال، مثل الزيارة مستحبة، لكن لو أوصى بنفسها بأن قال للوصي: زر عني، فهو بمنزلة قوله: صلوا عني، لا يخرج من المال أصلا، بل يجب على الوصي مباشرتها إن فهم من الكلام.
وإن فهم إرادة مطلق التحصيل، جاز له الاستنابة من ماله، لا من مال