وجاء سليمان بن سراقة البارقي إلى يوسف بن عمر ودله على رجلين يختلفان إلى زيد وقد بايعاه، يقال لأحدهما: عامر، وللآخر: طعمة من بني تميم ابن أخت لبارق، وأن زيدا نازل فيهم، فبعث يوسف عليهما فجيء بهما ولم يوجد زيد في منزلهما ولما كلمهما استبان له أمر زيد وأصحابه، فأمر بالرجلين فضربت أعناقهما.
لما عرف زيد من يوسف بن عمر التطلب له والإستبحاث عن أمره وتتبع شيعته، وبلغه خبر الرجلين اللذين أخذا وقتلا، خاف على نفسه أن يؤخذ غيلة، فتعجل الخروج قبل الأجل الذي كان بينه وبين الأمصار، وأمر من ثبت معه بالتهيؤ والاستعداد، وكان ظهوره بالكوفة ليلة الأربعاء أول ليلة من صفر سنة (122) (1)، ونص أبو الفرج في المقاتل: أنه خرج ليلة الأربعاء لسبع بقين من المحرم (2)، وإذا لاحظنا ما أثبته من استدامة الحرب يومين فقط، وأنه قتل يوم الجمعة من صفر، يتبين الخطأ في ذلك الحكم.
قال ابن جرير الطبري: جمع الحكم بن الصلت أهل الكوفة في المسجد الأعظم قبل خروج زيد، وبعث إلى العرفاء والشرط والمناكب والمقاتلة فحصرهم في المسجد، ومكث الناس ثلاثة أيام وثلاث ليالي في المسجد الأعظم يؤتى إليهم بالطعام والشراب من منازلهم، ونادى مناديه: ألا إن أمير المؤمنين يقول: من أدركنا زيدا في رحله فقد برئت منه الذمة.
وكان يومئذ على ربع المدينة إبراهيم بن عبد الله بن جرير البجلي، وعلى ربع مذحج وأسد عمرو بن أبي بذل العبدي، وعلى ربع كندة وربيعة المنذر بن محمد ابن الأشعث بن قيس الكندي، وعلى ربع تميم وهمدان محمد بن مالك الهمداني ثم الخيواني.
في يوم الثلاثاء قبل خروج زيد، أمر الحكم بن الصلت بدروب السوق فغلقت وغلقت أبواب المسجد على أهل الكوفة، وبعث إلى يوسف بن عمر وهو بالحيرة يعلمه الحال، فأمر يوسف مناديه فنادى في أصحابه: من يأتي الكوفة ويقترب من