هؤلاء القوم، فركب جعفر بن العباس الكندي في خمسين فارسا حتى انتهى إلى جبانة سالم السلولي، فعرف موضعهم ورجع إليه (1).
وفي ليلة الأربعاء أول ليلة من صفر، طلبوا زيدا في دار معاوية بن إسحاق بن زيد ابن حارثة الأنصاري فلم يجدوه، لأنه خرج من دار معاوية في ليلة شديدة البرد والظلمة، وأصحابه يستضيئون بالهرادي يشعلون فيها النار، وما زالوا على هذا الحال طول ليلهم وشعارهم كأصحاب بدر: يا منصور أمت.
وفي صباح يوم الأربعاء، خرج يوسف بن عمر إلى تل قريب من الحيرة، فنزل عليه ومعه جماعة من كبار قريش وأشراف الناس، وبعث الريان بن سلمة الأراشي في ألفين وثلاثمائة من القيقانية (2) معهم النشاب، قوة لصاحب شرطته العباس بن سعيد المزني، وفي هذا اليوم بعث زيد القاسم بن كثير بن يحيى بن صالح بن يحيى ابن عزيز بن عمرو بن مالك بن خزيمة التنعي (3) ثم الحضرمي، ورجلا آخر يقال له:
صدام، يناديان بشعارهما: يا منصور أمت، فالتقيا مع جعفر بن العباس الكندي في صحراء عبد القيس واقتتلا معهم، فقتل صدام وارتث القاسم فأسر وجئ به إلى ابن الصلت، فكلمه فلم يرد عليه، فأمر به فضربت عنقه على باب القصر، فقالت ابنته سكينة ترثيه:
عين جودي لقاسم بن كثير * بدرور من الدموع غزير أدركته سيوف قوم لئام * من أولي الشرك والردى والشرور سوف أبكيك ما تغنى حمام * فوق غصن من الغصون نضير لم يواف زيدا ممن بايعه في هذا اليوم غير مائتين وثمانية عشر رجلا، فقال زيد:
سبحان الله أين الناس؟
قيل: إنهم محصورون في المسجد الأعظم.
قال: والله ما هذا لمن بايعنا بعذر.
وسمع نصر بن خزيمة النداء، فأقبل إليه ولقي عمرو بن عبد الرحمن صاحب